ماذا لو؟ الإشاعات السلاح الخفي في حياتنا

في مكان ما كانت هناك قرية آمنة مطمئنة، حتى مرّ رجل غريب، لم ينطق بشيء، ولم يلمس أحدًا، فقط ترك سلاحًا عند أطرافها ثم اختفى، منذ تلك اللحظة، بدأ كل شيء يتغيّر.
الهدوء لم يعد كما كان، والوجوه نفسها أصبحت تراقب بعضها بخوف، السلاح لم يُستخدم، لكنه كان حاضرًا كفكرة، كظل.. كاحتمال مؤلم. لم تسقط القرية برصاصة، بل بسؤال لم يُسأل: «ماذا لو؟».
في حياتنا اليومية، نرى هذا يحدث بصور مختلفة، ليس بالسلاح فقط، بل بالكلمة، بالإشاعة، بالخبر الذي يتكرر على ألسنة الناس.
فكرة واحدة يمكن أن تزرع الخوف، وتفكك الثقة بين الناس، حتى قبل أن يتحقق أي فعل فعلي، الرسائل، وسائل التواصل، وحتى المحادثات البسيطة، تنقل هذه الظلال بين القلوب، وتزرع الشك في النفوس التي كانت مطمئنة يومًا.
حتى الأخبار التي تُقال عن الجهات الرسمية أحيانًا تتحول إلى سلاح خفي، توحي بالفساد أو الخطر، وتزرع سؤالًا واحدًا في كل قلب: «ماذا لو؟».
تنتشر هذه الإشاعات عبر الرسائل ووسائل التواصل، فتتحول الكلمات إلى ظلال، والظلال إلى خوف يملأ البيوت والشوارع.
يصدق الناس أحيانًا ما يسمعون قبل أن يتحققوا، فتبدأ الشكوك الصغيرة بالانتشار، وتنمو حتى تكاد تحجب الحقيقة.
لكن المواجهة تبدأ بالوعي، بالتحقق قبل أن نصدق، قبل أن نعيد نشر أي خبر دون تمييز، كما تحمي الجدران الأمان داخل بيوتنا، تحمي المصادر الموثوقة قلوبنا من الشك والريبة، وتجعلنا نرى الواقع بوضوح.
الكلمة الواعية تنتشر كضوء صغير في الظلام، تضيء الزوايا التي حاول الظل أن يغزوها، وتنشر الحقيقة بهدوء لتسد الطريق أمام أي سؤال مؤذي: «ماذا لو؟».
المشاركة الواعية بين الناس تُعيد الطمأنينة إلى المجتمع، التحدث بصراحة عن الأخبار، الاستفسار من المصادر الموثوقة، ونشر الحقائق بهدوء، كلها أفعال صغيرة لكنها أقوى من أي سلاح، لأنها تمنع الظلال من الانتشار.
هكذا، نصبح جميعا حراسا لأمان المجتمع، نحميه من السلاح الخفي، ونزرع الثقة حيث حاولت الإشاعات زرع الشك، كل فكرة، كل كلمة تُتداول، لها تأثيرها على الجميع، الانتباه والتحقق ونشر الحقيقة هو السلاح الأقوى ضد أي ظلال تهدد استقرارنا.
عندما نصبح واعين، يعود السؤال المؤلم «ماذا لو؟» ليخبو تدريجيًا، ويحل مكانه شعور بالثقة والطمأنينة التي نستحقها جميعا.
reemalbalwi81@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *