طرحت الهيئة العامة للنقل، اللائحة التنفيذية المنظمة لأنشطة النقل الخفيف للبضائع داخل المملكة، سواء لأغراض تجارية أو غير تجارية، عبر منصة ”استطلاع“؛ بهدف توحيد الضوابط والمعايير التي تحكم هذا النوع من الأنشطة الحيوية، التي تشكل ركيزة أساسية في منظومة الخدمات اللوجستية وسلاسل الإمداد.
وحددت اللائحة التنفيذية نطاق تطبيقها ليشمل أنشطة النقل الخفيف للبضائع باستخدام مركبات لا يقل وزنها الإجمالي عن «3500» كجم ولا يزيد عن «10,000» كجم، سواء للأغراض التجارية «نقل للغير بمقابل» أو غير التجارية «للاستخدام الشخصي أو لمصلحة جهة بدون مقابل».
وميّزت اللائحة بوضوح بين النشاطين من حيث الترخيص، والاشتراطات الفنية والإدارية، والرقابة، والعقوبات.
وتعد أنشطة النقل الخفيف للبضائع من القطاعات المتنامية داخل المملكة، نظراً لازدياد الطلب عليها، خاصة في المدن الكبرى والمناطق الصناعية والتجارية، كما تسهم في دعم التجارة الإلكترونية، وخدمات التوصيل، والنقل داخل النطاق الحضري، إضافة إلى نقل المواد الصناعية والتجارية واللوجستية الخفيفة.
معايير صارمة وتسهيلات رقمية
وألزمت اللائحة المنشآت الراغبة في ممارسة النشاط التجاري بالحصول على ترخيص من الهيئة، وحددت مجموعة من الضوابط الواجب استيفاؤها، منها أن تكون المنشأة مسجلة نظامياً، وتمتلك سجلاً تجاريًا ساريًا يتضمن النشاط، وتوفر مقر ثابت ومعلن ومناسب لممارسة النشاط، وفق مواصفات تحددها الهيئة، وارتباط المنشأة إلكترونيًا بمنصات الهيئة العامة للنقل لضمان الشفافية، والالتزام بعدد لا يقل عن «5» مركبات مسجلة وجاهزة للعمل عند التقديم للترخيص.
وتتضمن المعايير أيضًا التأمين على المركبات وجميع السائقين، والتقيد بمتطلبات السلامة المرورية والبيئية، وتقديم خطة تشغيلية توضح نوع النشاط، وخطط الصيانة، وآليات التعامل مع الشكاوى، وتعيين مدير نشاط مؤهل مسؤول عن الالتزام بكافة الضوابط.
ويمتد الترخيص لمدة ثلاث سنوات، ويُجدد بناءً على تقييم الالتزام، شريطة التقديم قبل نهاية المدة ب «180» يومًا، وأعطت اللائحة مرونة للمنشآت لفتح فروع في مناطق أخرى، شرط ارتباطها بالترخيص الرئيسي وامتثالها للشروط ذاتها.
ووضعت الهيئة آلية إلكترونية لتقديم طلبات الترخيص ومتابعتها، تسهم في تسريع الإجراءات وخفض التكاليف التشغيلية، وتحسين تجربة المستثمرين، خاصة المنشآت الصغيرة.
ترخيص فردي مشروط للسعوديين
ولم تغفل اللائحة دور الأفراد، حيث سمحت للسعوديين بالحصول على ترخيص فردي لمزاولة النشاط التجاري، شريطة أن يكون لدى المتقدم مركبة واحدة فقط، وأن يستوفي شروط القيادة المهنية والتأهيل، وألا يكون موظفًا حكوميًا.
ويُعد هذا البند من أبرز أدوات التمكين الاقتصادي التي تستهدف دعم المواطنين وتمكينهم من مزاولة نشاط لوجستي مستقل، وتعزيز قدراتهم على الدخول في منظومة الاقتصاد التشاركي.
النقل غير التجاري.. ضوابط خاصة للفرد والمنشأة
وبالنسبة للنقل غير التجاري، وضعت الهيئة اشتراطات محددة، من أهمها أن يكون مقدم الخدمة فردًا يستخدم المركبة لأغراضه الخاصة، أو منشأة غير ربحية تنقل احتياجاتها فقط، وإصدار بطاقة تشغيل للمركبة، وعدم تقاضي أي مقابل مالي نظير عمليات النقل، وتسجيل المركبة بنوع ”نقل خاص“ في نظام المرور، والامتناع التام عن نقل بضائع للغير، أو مزاولة النشاط بصيغة تجارية.
وتهدف هذه الضوابط إلى منع إساءة استخدام المركبات الخاصة في أعمال تجارية غير نظامية، بما يحفظ النظام ويكافح التستر التجاري.
بطاقة تشغيل المركبة.. وثيقة ملزمة
ومن بين الأدوات الرقابية المهمة التي تضمنتها اللائحة، بطاقة تشغيل المركبة، والتي تمثل ترخيصًا فعليًا يتيح استخدامها في أنشطة النقل، ويشترط للحصول عليها تسجيل المركبة في هيئة المرور، وألا يتجاوز عمر المركبة عشر سنوات من سنة الصنع، واجتياز الفحص الفني الدوري، وتوفر تأمين ساري ضد الحوادث، وتوفر سجل صيانة دوري للمركبة، والالتزام بالربط الإلكتروني مع الهيئة.
وتُمنح بطاقة التشغيل لمدة سنة واحدة قابلة للتجديد، وفي حال عدم التجديد خلال 90 يوماً من تاريخ الانتهاء، تُلغى تلقائيًا، ويُمنع استخدامها في النشاط، ويُعد هذا النظام أداة فاعلة للحد من المركبات المهترئة أو غير الصالحة، وتحقيق سلامة أعلى على الطرق.
تأهيل السائقين
وأولت اللائحة اهتمامًا خاصًا بالسائقين، حيث اشترطت على العاملين في القطاع أن يكونوا حاصلين على رخصة قيادة مناسبة للمركبة، وحاصلين على بطاقة سائق صادرة من الهيئة، وخالين من السوابق الأمنية، وقادرين على القراءة والكتابة، وحاصلين على دورات تأهيلية في السلامة والتعامل مع البضائع، وإذا كان السائق سيعمل في نقل المواد الخطرة، يشترط حصوله على شهادة تأهيل متخصصة.
وفرضت اللائحة التزامًا سلوكيًا على السائقين، مثل عدم التدخين داخل المركبة، وعدم تحميل ركاب، والالتزام بالمظهر العام، وعدم تحميل مواد مخالفة لطبيعة النشاط.
وفي حال وقوع مخالفة، يُمنح السائق مهلة لتصحيح وضعه قبل اتخاذ إجراء نظامي، في إشارة إلى التدرج في العقوبات.
نقل المواد الخطرة
وخصصت الهيئة فصلًا مستقلًا لنقل المواد الخطرة، نظرًا لحساسية هذا النوع من النشاط، واشترطت حصول المنشأة والسائق على تصاريح من الجهات المعنية، وتوفر مركبات مجهزة وفق مواصفات فنية دقيقة، تشمل أنظمة إطفاء وحواجز وقائية، ووضع ملصقات دولية تحذيرية حسب نوع المادة المنقولة، والالتزام بالمسارات الآمنة وتفادي المناطق المأهولة أو الأنفاق، ومنع نقل أي مواد غذائية أو طبية أو ركاب أو حيوانات أثناء نقل المواد الخطرة، وتجهيز خطة طوارئ وإبلاغ الهيئة بأي حادث خلال 24 ساعة.
ووتهدف هذه الإجراءات إلى منع الكوارث البيئية والمرورية، وحماية الأرواح والممتلكات، بما يتوافق مع المعايير الدولية.
التزامات التشغيل اليومية للممارسين
وألزمت اللائحة جميع الممارسين بعدد من الإجراءات اليومية لضمان جودة الخدمة، منها تجهيز المركبة بطفاية حريق ومثلث عاكس للإشارات، وتوفر حقيبة إسعافات أولية داخل المركبة، التأكد من ملاءمة البضائع لحجم ونوع المركبة، وعدم تحميل المركبة بأوزان تفوق طاقتها، ومتابعة أداء السائقين باستمرار.
وتتضمن الإجراءات أيضًا استقبال الشكاوى من العملاء ومعالجتها خلال 5 أيام، وعدم تشغيل أي مركبة دون بطاقة تشغيل سارية، وإظهار جميع الوثائق عند طلبها من المفتشين الميدانيين، والمخالفات والعقوبات.
منظومة رقابية متكاملة
وتبنّت الهيئة نهجًا صارمًا لضبط التجاوزات، ووضعت جدولًا مفصلًا بالمخالفات يتضمن أكثر من 40 نوعًا من المخالفات المصنفة إلى خفيفة ومتوسطة وجسيمة، مع غرامات مالية تبدأ من 500 ريال وتصل إلى 50 ألف ريال حسب طبيعة المخالفة.
وتتدرج العقوبات من التنبيه، إلى الإيقاف المؤقت، ثم إلغاء الترخيص عند تكرار المخالفة أو عدم تصحيح الوضع.
ومن أبرز المخالفات التي نصت عليها اللائحة تشغيل مركبة بدون بطاقة تشغيل، وتحميل بضائع مخالفة للنشاط، وعدم التزام السائق بالزي أو السلوك، واستخدام مركبة تالفة أو منتهية الفحص، ونقل مواد خطرة دون تصريح، وعدم التعامل مع الشكاوى، وعدم ربط المنشأة إلكترونيًا بمنصة الهيئة.
ويُمنح المخالف مهلة للاعتراض على العقوبة خلال 30 يومًا من تاريخ التبليغ، وتُنظر التظلمات من خلال لجنة متخصصة، ويحق له اللجوء إلى المحكمة الإدارية في حال عدم القناعة بالقرار.
منصة إلكترونية للربط والرقابة
وكشفت الهيئة أن اللائحة ترتبط بمنصة إلكترونية شاملة تسهل على المستفيدين جميع الإجراءات، من تقديم الطلبات إلى استخراج البطاقات، مروراً بمتابعة العمليات، والإبلاغ عن الحوادث، وحتى تلقي الشكاوى.
وتشمل المنصة بيانات المركبات، والسائقين، حالة التراخيص والتجديد، ومؤشرات الأداء، ورصد المخالفات، وخطط الصيانة والتشغيل وتتيح المنصة للمستهلكين تقييم الخدمة، وتقديم الشكاوى، والتأكد من نظامية المركبة.
وأوضحت أن إصدار هذه اللائحة يتماشى مع برامج التحول الوطني، ويخدم مستهدفات رؤية المملكة 2030 من خلال رفع مستوى جودة الخدمات اللوجستية، وتعزيز السلامة المرورية، ودعم الاقتصاد الرقمي والاقتصاد التشاركي، وتوفير فرص استثمارية للشباب والمنشآت الصغيرة، وتقليل الانبعاثات الكربونية من خلال تحديث الأسطول، والحد من التستر التجاري والممارسات غير النظامية.