محب للبيئة ومناهض لـ”ترامب”.. روبرت ريدفورد يرحل ويترك إرثًا من الإبداع الفني

جسّد روبرت ريدفورد، أحد عمالقة السينما الأمريكية في العقود الستة الأخيرة الذي توفي الثلاثاء عن 89 عاما، جانبًا مشرقًا في بلاده، إذ كان مناصرًا للبيئة ونجمًا سينمائيًا لامعًا طبع المكتبة السينمائية بأفلام استحالت من الكلاسيكيات.

وقد عُرف الممثل المولود في 18 أغسطس 1936 في سانتا مونيكا بولاية كاليفورنيا لأب محاسب، بتأييده للديموقراطيين ودفاعه عن قبائل الأمريكيين الأصليين وعن حماية المناظر الطبيعية الأمريكية.

كذلك، أسس مهرجان سندانس السينمائي الذي أصبح مرجعا دوليا للسينما المستقلة. وقد سعى طيلة حياته إلى شق طريقه الخاص، مبتعدا عن أوساط هوليوود كلما سنحت له الفرصة.

عرضت عليه الاستوديوهات الهوليوودية الكبرى حوالى 70 دورًا، معظمها لشخصيات إيجابية وملتزمة (مثل “ثري دايز أوف ذي كوندور”) أو رومانسية (مثل “ذي غرايت غاتسبي”). وأثار التعاطف بأدائه حتى في أدوار الشر كما الحال في “بوتش كاسيدي أند ذي سندانس كيد” (1969) و”ذي ستينغ” (1973)، وصولا إلى أحدث أفلامه “ذي أولد مان أند ذي غن” (2018).
وقد ظهر في سبعة أفلام من إخراج سيدني بولاك.

الفوز بـ الأوسكار

على الرغم من حصوله على جائزة الأوسكار عام 2002 عن مجمل أعماله، إلا أنه لم يحصل على أي من هذه المكافآت عن فيلم محدد كممثل، مع أن الكثير من أدواره نالت استحسانا في أعمال شهيرة مثل “جيرميا جونسون” (السعفة الذهبية عام 1972)، و”آل ذي بريزيدنتس من” (أربع جوائز أوسكار عام 1977)، و”أوت أوف أفريكا” (سبع جوائز أوسكار عام 1986).

رجل عادي بشعر أصفر

لم يخف ريدفورد انزعاجه من هذه الصورة البراقة التي طبعت مسيرته، إذ قال “أنا مجرد رجل عادي بشعر أصفر”، لافتًا إلى أن أحدًا لم يكن يجده وسيمًا عندما كان مجهولًا وعاطلًا عن العمل.
حتى أنه قال إن مظهره ربما كان عائقا أمام موهبته، كما حدث عندما فقد فرصة المشاركة في فيلم “ذي غرادجويت” سنة 1966، إذ اعتبر مخرج العمل مايك نيكولز أن تأدية ريدفورد لدور طالب مرفوض في الفصل لن تكون مقنعة بسبب ملامحه.

منذ منتصف سبعينيات القرن العشرين، عندما حوّلته أفلام “بوتش كاسيدي” و”ذي واي وي وير” و”ذي ستينغ” إلى نجم سينمائي، اختار “الغوص أكثر فأكثر في الطبيعة”، فبنى منزلًا وحياة جديدة في جبال يوتا في مكان أطلق عليه اسم “سندانس”، تيمنا بالشخصية التي أداها في فيلم “سندانس كيد”، وهو الدور الرئيسي الأول في حياته المهنية والذي يدين به لصديقه بول نيومان.

الشهرة بالإجبار

وقال لمجلة “تيليراما” الفرنسية عام 2013 “لم أكن أرغب في الشهرة. نلتها من دون أن أسعى إليها واضطررتُ لقبولها”.

مع زوجته الأولى التي عاش معها 27 عاما، وأطفالهما الثلاثة (توفي أكبرهم في طفولته)، بنى ريدفورد المولود في 18 أغسطس 1936 في سانتا مونيكا في ولاية كاليفورنيا، نوعا من اليوتوبيا البيئية، إذ تمتد ممتلكاته على آلاف الهكتارات، وتضم منتجعا للتزلج ومزرعة وموقعا لتربية الخيول. وبعيدا عن قيود هوليوود، أنشأ في عام 1981 “معهد سندانس”، وهو مختبر لصانعي الأفلام الشباب الأمريكيين والأجانب.

في العام 1985، تولى إدارة مهرجان سندانس السينمائي المحلي الذي أصبح مع الوقت ملتقى عالميًا للأفلام الوثائقية ذات الطابع السياسي والاجتماعي والأفلام المستقلة، والذي من المرتقب نقله إلى بولدر في كولورادو عام 2027.
ومن هناك انطلقت المسيرة السينمائية لبعض من أهم الأسماء منهم كوينتن تارانتينو وروبرت رودريغيز وديفيد أو. راسل وستيفن سودربرغ وجيم جارموش.

مع دخوله سن الأربعين، بدأ ريدفورد يفكّر في اعتزال التمثيل، مفضّلا التركيز على الإخراج ومهرجانه السينمائي.

أخرج ريدفورد تسعة أفلام روائية، وفاز بأوسكار أفضل مخرج عن أول أعماله “أوردينري بيبل” عام 1981.

بعد ثماني سنوات، أخرج فيلم “ميلاغرو” الذي يروي معاناة مزارع مكسيكي معارض للشركات متعددة الجنسيات. ورغم أنه ليس ثائرا، كان يستمتع بطرح مواضيع تتمحور على السلطة (“لايونز فور لامبز” 2007)، والمؤسسات (“ذي كومباني يو كيب” 2013)، وإغراءات المال (“كويز شوو” سنة 2014).

لكنه برز خصوصا كمدافع شغوف عن الطبيعة، من خلال فيلمي “ايه ريفر رانز ثرو إت” (1992) و”ذي هورس ويسبرر” (1998) اللذين حققا نجاحا شعبيا هائلا.

سنة 2018، بعد فيلم “ذي اولد مان أند ذي غن” مباشرة، أعلن ريدفورد اعتزاله وعودته إلى الرسم، شغفه الأول الذي قاده إلى باريس في العام 1954.

وعلى عكس كل التوقعات، ظهر في فيلم “أفنجر: إندغيم” (2019) الذي حقق عائدات عالمية بلغت 1,2 مليار دولار في أول عطلة نهاية أسبوع له في دور السينما.

قبيل انتخاب دونالد ترامب للمرة الأولى رئيسا للولايات المتحدة، دعا ريدفورد الأمريكيين إلى التصويت ضده وضد ما وصفه بأنه “نظامه الملكي المقنّع”.

وقال “لنعُد إلى التصويت من أجل الحقيقة، والشخصية والنزاهة لدى ممثلينا. دعونا نبدأ من جديد في أن نكون بكل بساطة… أمريكيين”.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *