ويأتي هذا الدليل كخارطة طريق شاملة تهدف إلى مواكبة التطورات العالمية المتسارعة في الطب الجيني والخلايا الجذعية، وتحديد مسؤوليات المطورين وحاملي تراخيص التسويق لضمان أعلى مستويات الأمان للمرضى.
وأوضحت الهيئة أن هذا التحرك التنظيمي يأتي استجابة للطبيعة الفريدة لهذه العلاجات، التي تحمل معها تحديات ومخاطر تختلف جذرياً عن الأدوية التقليدية. فالمخاطر المحتملة لا تقتصر على المريض فحسب، بل قد تمتد لتشمل المتبرعين الأحياء، أو احتمالية انتقال التعديلات الوراثية للخلايا التناسلية، أو حتى تسرب النواقل الفيروسية المستخدمة في العلاج إلى البيئة المحيطة، وهو ما استدعى وضع معايير أكثر صرامة وأنظمة متابعة طويلة الأمد.
خطط إدارة المخاطر
وحدد الدليل مسار المخاطر المحتملة عبر خمس مراحل رئيسية، تبدأ من التصنيع والتخزين، حيث تبرز تحديات انتقال الأمراض أو خطر تكوّن الأورام، مروراً بالمخاطر المرتبطة بحالة المريض نفسه واستجابته المناعية، ثم ما قد يحدث أثناء إعطاء العلاج من أخطاء أو مضاعفات، وصولاً إلى المخاطر المتأخرة الناتجة عن بقاء المنتج في الجسم، وأخيراً المخاطر التي قد تطال الكوادر الصحية والبيئة.
ولتوفير صورة كاملة حول سلامة هذه المستحضرات، ألزم الدليل المطورين بإجراء دراسات متابعة للسلامة والفعالية بعد الحصول على الترخيص، معتبراً إياها خطوة جوهرية لا يمكن الاستغناء عنها. وأوضحت الهيئة أن هذه الدراسات قد تمتد لفترات طويلة تصل في بعض علاجات الجينات إلى 15 عاماً، بهدف رصد أي مضاعفات متأخر والتحقق من استدامة الأثر العلاجي للمستحضر.
بلاغات الآثار الجانبية
ولضمان التطبيق الفعال، أوصى الدليل بإنشاء اتفاقيات واضحة بين المستشفيات وأصحاب السجلات والمرضى والمطورين تتيح استخدام البيانات الطبية للأغراض التنظيمية، مع الحصول على موافقات خطية من المرضى. كما تطرق إلى أهمية تصميم الدراسات بمنهجية علمية دقيقة، والاستفادة من قواعد البيانات الوطنية لتوفير بيانات مقارنة تعزز موثوقية النتائج.
وعلى صعيد تمكين الأطراف المعنية، أوضح الدليل ضرورة توجيه آليات تواصل دقيقة ومكثفة لكل فئة؛ فالأطباء يحتاجون لمعلومات تفصيلية وإجراءات عملية، بينما يتلقى الصيادلة تدريباً متخصصاً، في حين يتم تزويد المرضى بكتيبات توعوية وبطاقات تنبيه تشرح المخاطر وتحثهم على الإبلاغ الفوري عن أي أعراض غير متوقعة، بما يضمن بناء منظومة متكاملة تضع سلامة المريض في مقدمة أولوياتها.