المشاجرات بين الطلاب عقب خروجهم من المدارس تعد أمراً مقلقاً، وهي سلوكيات عدوانية تتجاوز حدود العنف الجسدي لتشمل التنمر، التهديد، والتشهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ما يجعلها قضية تربوية واجتماعية تستدعي التدخل العاجل من مختلف الجهات المعنية.
وتشير تقارير ميدانية إلى أن هذه المشاجرات غالبًا ما تكون امتدادًا لخلافات نشأت داخل المدرسة، سواء كانت شخصية أو نتيجة للتنمر، أو حتى بدافع التقليد الأعمى لما يُعرض في وسائل الإعلام ومنصات التواصل. تبدأ هذه النزاعات بمشادات كلامية بسيطة، لكنها سرعان ما تتطور إلى عنف جسدي قد يؤدي إلى إصابات جسدية ونفسية، وفي بعض الحالات يتطلب تدخل الجهات الأمنية.
يرى مختصون أن أحد أبرز أسباب تفشي هذه الظاهرة هو غياب التوجيه الأسري السليم، حيث تُغرس في بعض الأطفال ثقافة «الرد بالمثل» دون توضيح الفرق بين الدفاع عن النفس وممارسة العنف. هذا التوجيه غير المتوازن يؤدي إلى سلوكيات عدوانية يصعب ضبطها خارج أسوار المدرسة.
من جهة أخرى، تلعب منصات التواصل الاجتماعي دورًا خطيرًا في تضخيم هذه السلوكيات، إذ تنتشر مقاطع «الهوشات» والمشاجرات بشكل ترفيهي على تطبيقات التواصل ما يجعل بعض الطلاب يرون في العنف وسيلة لإثبات الذات أو لجذب الانتباه، خاصة عندما يتحول المعتدي إلى «بطل ترند» في أعين المتابعين .
الخبراء التربويون يحذرون من تجاهل هذه الظاهرة، مؤكدين أنها ليست مجرد سلوك عابر، بل مؤشر على خلل في منظومة القيم والتربية والرقابة الأسرية. ويشددون على ضرورة تكاتف الجهود بين الأسرة والمدرسة والإعلام والجهات الأمنية لمعالجة المشكلة من جذورها.
ويؤكدون أن الحل يبدأ بزرع ثقافة الحوار لدى الأبناء، وتعزيز مفهوم أن القوة الحقيقية لا تكمن في اليد، بل في الكلمة، والاحترام، وضبط النفس.
alnajeeh@gmail.com