سكر زيادة

هل تعرف أحدًا مصابًا بالسكري ؟
وراء كل مريض بالسكري حكاية، ووراء كل حكاية طريق طويل من المواعيد والانتظار والقلق والمفاجآت.
تجربة والدتي مع هذا المرض علّمتني أن الجسد يشبه سوق الأسهم: مؤشر يصعد ويهبط، لكن الجسد يبحث عن السلام، فيما الأسواق لا تعرف إلا الأرباح. كل رقم على جهاز القياس ليس مجرد قيمة طبية، بل إشارة فلسفية تسألنا: كيف نعيش؟ وكيف نحافظ على التوازن في حياتنا ؟
أتذكر وعكتها الصحية في إحدى رحلاتها خارج المملكة؛ يومها تحوّل بيتنا إلى غرفة طوارئ بلا جدران: من يسافر فورًا؟ كيف ستعود إلى كامل عافيتها؟ وهل تحتاج إلى إخلاء طبي؟ أدركت حينها أن المرض قادر أن يختصر المدن في مكالمة هاتفية، وأن يحوّل بيتًا هادئًا إلى ساحة انتظار مكتظة بالقلق. والدرس الذي خرجت به أن الوقاية خير من العلاج.
تشير تقارير الاتحاد الدولي للسكري إلى أن المملكة تحتل المرتبة التاسعة عالميًا في عدد المصابين بالنوع الأول من السكري، بمعدل إصابة يصل إلى 31 حالة جديدة لكل مائة ألف طفل سنويًا. رقم يفرض سؤالًا ملحًا: ما الحل؟ وكيف نوقف هذا «القاتل الصامت» ؟
الجواب لا يكمن في خطوة واحدة، بل في منظومة متكاملة تبدأ بالوقاية والتثقيف والفحص المبكر داخل العيادات والمستشفيات والمراكز الصحية، كما يتولى المركز الوطني للسكري قيادة الاستراتيجية الوطنية عبر وضع السياسات والبرامج المبنية على البحوث العلمية، وإنشاء قاعدة بيانات وطنية وتحليلها، ومراقبة المرض، وتعزيز التوعية العامة، وإعداد الأدلة الإرشادية، ودعم المتابعة والتقييم، وتشجيع التطوير التكنولوجي، وتعزيز البرامج التدريبية، واستقطاب الموارد، مع التعاون المحلي والدولي لضمان أفضل مستويات الوقاية والعلاج.
كل هذه الجهود تعكس التزام المملكة العربية السعودية ووزارة الصحة ببناء نظام صحي شامل يحمي المجتمع من السكري ويعزز جودة الحياة، ويحوّل تحديًا صحيًا صامتًا إلى قصة وعي وتمكين لجميع المواطنين والمقيمين، وتمتد إلى حملات التوعية المجتمعية والمؤتمرات العلمية.
في جانب مضيء آخر.
raedaalsaba@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *