هل نحن أسرى طبائعنا… أم صناع ذواتنا؟

في يومٍ ممطر، طلب عقرب من ضفدع أن يساعده في عبورضفة نهر. قال الضفدع للعقرب: ولكني أخاف أن تلدغني فأغرق”، فرد عليه العقرب: “لو أني فعلت ذلك، فلن نتمكن من الوصول إلى الضفة الأخرى وسنغرق كلانا”. اقتنع الضفدع، وحمل العقرب على ظهره، ولكن في منتصف الطريق، شعر بألم لدغة مفاجئة. فسأل الضفدع العقرب: “لماذا؟ فعلت ذلك، فأجاب العقرب بصوت حزين: “إنها طبيعتي”…،

لقد تركت هذه القصة تساؤلاً : هل للإنسان أن يتعذر بطبيعته على سلوكه أم؟
تجد في مجتمعاتنا نفر قليل من الناس يتمثلون بهذا الطبع، حيث تجد خلف الأقنعة الودودة، سلوكيات ودوافع سلبية. لكن هذا لا يعني أن البشر لا يتغيرون. لقد ورد في الحديث الشريف: “إنما العلم بالتعلم، وإنما الحلم بالتحلم، ومن يتحرّ الخير يُعطَه، ومن يتق الشر يُوقَهُ”، فالنبي عليه الصلاة والسلام يُخبرنا بأن الإنسان قادرٌ على التحسّن بتعلُّم الأخلاق ومُجاهدة النفس، وليس له أن يتذرع بالفشل بذريعة الطبيعة.
ويُؤكد النبي ﷺ على أهمية أن يتحكم الإنسان في تصرفاته فتجده يوصي أحدهم ويقول له: “لا تغضب”. ويُظهر هذا أن القدرة على ضبط النفس،حتى تجاه الغضب،من علامات تطور النفس وتميّزها، وعليه فإن إرادة التغيير، تدفعنا دوما للرغبة في إصلاح واقعنا عبر التدريب فكما يُكتسب العلم بالتعلم، يُكتسب الحلم بالحلم،أي بالتعوّد على ضبط النفس، وتعلّم الرجاحة العقلية.
فالطبيعة ليست قدرًا نهائيًا، فالكثير من السلوكيات يمكن أن تُصقل، إذا وُجهت إلى مسار إيجابي مدعوم بالعمل والتربية والمُمارسة، ثم أن الرحمة والحلم اختياران يتعزّزان بالتربية الروحية والتربوية، خاصة إذا كان الشخص يحرص على التحكم في غضبه، ويُجاهد نفسه على عكس طبعها.
ومسك الختام، أن نقول، لا يعتذر أحد بطبيعته على تدني مستوى أخلاقه وسلوكه، فالتغيير إرادة لمن عزم على ذلك، كما نقول كن حذّرا في التعامل مع من هذه أخلاقة، كي لا تلدغ كما لدغ الضفدع وتغرق كما غرق.

azmani21@hotmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *