زارني صديق وهو متجهم الوجه عابسا متأففا من أحداث جسام مرت عليه أفقدته صوابه، وأجفت النوم من عينيه، مما أفقده شهيته ولذة طعامه، كئيبا، فقد ضحكته وابتساماته.
لقد تألمت من أجله! وأبديت تعاطفا معه! هممت لا أسأله حتى أخفف عنه ما الذي حدث لك؟ رد مجيبا إنه البلاء يا صديقي. فأسترسل، حياتنا بطبيعتها حبلى بالمشاكل والصعوبات تارة، وبالمحن تارة أخرى، تلكم تغرقنا في هموم لا حدود لها، حتى يبلغ بنا أن ننسى طيب العيش وحلاوته. ويصبح ذلك في نظرنا وكأنه نهاية العمر فحسب! فتنهد قائلا؛ هي المحن لا غير! وهي القاسية علينا، بل هي أزمات، وأقدار يمر بها كل فرد منا. وهي بالفعل سنة من سنن الحياة. هنا تساءلت! ماذا نستطيع تسمية ما يمر به صديقي؟ هل هو الابتلاء؟ لماذا يحدث؟ كيف نتعامل معه؟ كيف نستفيد منه لنحوله من محنة إلى منحة من رب العالمين؟
وجدت بأن الابتلاء هو اختبار يُقدِّمه الله -عز وجل- للإنسان في حياته، بهدف تمحيص إيمانه، وتقوية صبره، وتعزيز شخصيته. الابتلاء يحدث في النعم أو المصائب، أو في المال من فقر أو
غنى، أو في الصحة، كالأمراض أو الإعاقة، أو في فقد أحبة لنا، أو في خلافات أسرية تصيبنا، أو في النفس من خوف، أو قلق، أو أحيانا من نجاح أو فشل في مهمة نقوم بها.
كل منا له القدرة أن يحول هذا الابتلاء من محنة سلبية إلى منحة إيجابية! الإيمان بالله أولها، مدركا أن كل ما يحدث هو بقدر الله وحكمته، وأن هذا الابتلاء هو فرصة للتقرب إليه بالدعاء والعبادة والاستغفار، وتقديم الشكر له في السراء والضراء، مع الرضا بقضائه وقدره، صابرا على البلاء، محتسبا غير جازع، متقبلا كل ما يكتبه الله. باذلا الجهد والحرص في استغلال تلك المحن لبناء شخصية أكثر قوة، مكتشفا فيها النفس بما فيها من نقاط قوة وضعف، لتمنح النفس فرصة في إعادة ترتيب الأولويات والتركيز على ما هو مهم وهادف في ما هو قادم.
خلاصة القول، هو امتحان قاس، إعمل جاهدا أن تحوِّل المحنة إلى منحة، وأجعل من كل ابتلاء فرصة للنمو والتقدم في الدنيا والآخرة، وفرصة سانحة للتعلم من تلك التجربة لتستفيد من دروسها المستخلصة.
akuwaiti@iau.edu.sa