رصدت “اليوم” خلال فعاليات الملتقى الدولي الأول للموهبة في التعليم الجامعي، الذي تنظمه جامعة جدة برعاية وزير التعليم يوسف البنيان، سلسلة من الإبداعات والابتكارات البحثية التي جسّدها طلبة وباحثون وأكاديميون سعوديون عبر ملصقات علمية وتحليلية مبتكرة امتدت على مدى يومين، لتبرهن على أن الجامعات السعودية أصبحت حاضنة للموهبة ومنصة للبحث النوعي الذي يخدم الاقتصاد المعرفي ورؤية المملكة 2030.
المشرف التربوي د. عبدالعزيز الغامدي قدّم ملصقًا علميًا بعنوان: “إستراتيجية مقترحة للشراكة بين جامعة جدة والقطاع الخاص في المملكة العربية السعودية”.
وأوضح الغامدي أن الدراسة استهدفت تقديم تصور استراتيجي يكشف أهمية هذه الشراكة ومتطلباتها وصعوباتها، واعتمدت على المنهج المختلط جامعًا بين الكمي والنوعي باستخدام الاستبانة والمقابلات، مع توظيف التحليل الرباعي «SWOT».
وأظهرت النتائج أن أبرز المتطلبات هي: حماية حقوق الملكية الفكرية، نشر ثقافة الشراكة، وتبادل الزيارات بين الجامعة ورجال الأعمال.
بينما جاءت أبرز الصعوبات في تركيز القطاع الخاص على المجالات ذات المردود المالي السريع.
تطور برامج الموهبة الجامعية
وأوصت الدراسة بتفعيل قنوات الاتصال بين الجامعة والقطاع الخاص، ونشر ثقافة الشراكة داخل الحرم الجامعي وخارجه، إضافة إلى تجويد التعليم والتدريب المستمر بما يتناسب مع احتياجات السوق.
من جهتها، عرضت سميرة الثقفي، ماجستير تقنيات التعليم، بحثًا بعنوان: “تطور برامج الموهبة الجامعية في المملكة من 2016 إلى 2025”.
وأشارت إلى أن برامج الموهبة مرت بأربع مراحل متتابعة: مرحلة الانطلاق مع رؤية 2030 عبر برامج جامعة الملك سعود وجامعة الملك عبدالعزيز، ثم مرحلة التوسع عبر شراكات محلية ودولية، تلتها مرحلة التأسيس مع برنامج تنمية القدرات البشرية بإنشاء مركز وطني للأبحاث بجامعة الملك فيصل، وصولًا إلى مرحلة التدوير والتكامل التي يمثلها هذا الملتقى الدولي.
وأوصت الثقفي بإنشاء مراكز متميزة للموهبة في جميع الجامعات، وتخصيص تمويل مستدام للبرامج، ودمجها في المناهج الأكاديمية والدراسات العليا.
الباحث عبدالرحمن القدسي كشف عن مشروعه “ضماد ذكي متغير اللون”، الذي يعتمد على مؤشر الحموضة «pH» للكشف المبكر عن العدوى في الجروح.
يمتاز الضماد بقدرته على تغيير لونه عند ارتفاع الحموضة، إلى جانب احتوائه على مستخلص نباتي طبيعي مضاد للميكروبات يسرّع من التئام الغرز والجروح.
وأكد القدسي أن الابتكار يجمع بين المؤشر اللوني الطبيعي والعلاج النباتي الفعّال، مما يجعله أكثر أمانًا وملاءمة للمناطق الحساسة بالجسم.
ابتكارات طلابية
أما الباحثة نوره الدوسري، دكتوراه في تربية الموهوبين، فشاركت بدراسة بعنوان: “فاعلية التفكير المرن وعلاقته بتعلم اللغة الإنجليزية لدى الطلبة الموهوبين في المراحل الجامعية”.
اعتمدت الدراسة على المنهج المختلط بتصميم تتابعي تفسيري، حيث شمل الجزء الكمي تطبيق مقياس التفكير المرن على 300 طالب موهوب، والجزء النوعي عبر مقابلات شبه منظمة مع 10 طلاب.
وكشفت النتائج عن وجود علاقة ارتباطية بين التفكير المرن وتعلم الإنجليزية، باستثناء بُعد الانفتاح على الأفكار.
وأشارت إلى أن إتقان اللغة يسهم في تعزيز الإبداع وحل المشكلات، فيما يمثل ضعفها عائقًا أمام المشاركة البحثية الدولية.
وأكدت أهمية دمج مهارات التفكير المرن مع برامج تعلم اللغات الأجنبية بما يواكب مستهدفات رؤية 2030.
واستعرضت الباحثة التربوية سارة السلمي دراسة عن واقع تطبيق برامج استقطاب ورعاية الموهوبين والمتفوقين في الجامعات السعودية.
اعتمدت على المنهج المختلط بتصميم تقاربي متوازي، شمل استبانات ومقابلات شبه منظمة وتحليل وثائق رسمية.
وأظهرت النتائج أن مستوى رعاية الموهوبين مرتفع في جامعتي الملك عبدالعزيز وجدة، مع توصية بضرورة تبني سياسة وطنية لبرامج الاستقطاب لضمان استمرارية الرعاية من التعليم العام حتى الجامعي وصولًا إلى الإنتاجية الإبداعية.
الطالبة البدار عمر باحسن، ماجستير إدارة أعمال، قدّمت بحثها بعنوان: “الموهبة طريقًا إلى الريادة”.
وأوضحت أن نتائج البحث أظهرت أن أكثر من 75٪ من الطلاب المشاركين عبّروا عن تحسن ملموس في مهاراتهم الريادية بفضل برامج جامعة جدة، مثل التسريع الأكاديمي والتخصيص المباشر، مؤكدة أن الجامعة أثبتت نجاحًا ملحوظًا في تمكين الموهوبين.
يُذكر أن الملتقى شهد حضورًا لافتًا من قيادات جامعية وخبراء وباحثين محليين ودوليين، كما تضمن ورش عمل نوعية استهدفت فئات متعددة.
وأسهمت المناقشات والبحوث في رسم ملامح مستقبلية من شأنها تعزيز مكانة الجامعات السعودية كبيئة محفزة للموهبة والإبداع، ومنصة لتأهيل جيل يسهم بفعالية في تحقيق تطلعات الوطن ضمن رؤيته الطموحة.