قرأت ذات مرة عبارة تقول بأن -أي شيء تخسره في مقابل راحة بالك هو مكسب-، وأظن بأنني أدركت وقعها ومعناها وحقيقتها منذ وقتٍ ليسَ بقصير، فهذهِ العبارة تدعو إلى تقدير قيمة الهدوء الداخلي لأن القاعدة تنص على أن راحة البال في قمة الأولويات وأي خسارة مادية أو اجتماعية في سبيلِ الوصول إليها هي ليست خسارة، ولكنها مكسب ثمين، لأن قيمة الصفاء النفسي والهدوء الداخلي وطمأنينة القلب وراحة الفؤاد من الغنائم المُباركة، والمكاسب الثمينة التي هي بنظري أشياء لا تشترى بالمال، ولا بكنوز ِالدُنيا كلها.
المكاسب الثمينة هي هبات يهبها رب الخلق للخلق، هي أشياء نشعر بها ولا نلمسها أو نراها، وعلى العبد حينها أن يشكر الله عليها بالمحافظة عليها وتقديرها لتزيد بركتها في حياته، الكثير من الأمور نظنُ بأنها مكسب، ولكننا نفاجئ بأن وجودها يتحول من نعمة إلى نقمة، لذا كان الرضا أساس الراحة واليقين بأن كُل ما نملكهُ الآن هو نعمة حقيقية تستوجب الشكر، بل هي مكسب عظيم.
المكاسب المعنوية التي تُضيف لحياة الإنسان البهجة والحيوية، هي ذاتها التي تقويه وتدفعه للقيام بأي عمل كان، إذ أنها تُشكّل أساس شخصية الإنسان وتوجه سلوكه وتفكيره وأفعاله، فعلى سبيل المثال حين يختار الإنسان أن يتعلم حينها كان اختياره أن يُنير عقله بما يفيده، ويميز حينها بين الحق والباطل، فالعلم يمنح صاحبه السكينة والطمأنينة، فيرتفع حينها بعلمه وأخلاقه وهو مكسب من المكاسب الثمينة.
إن الحفاظ على هذه المكاسب لا يقل أهمية عن الحفاظ على الممتلكات المادية، بل أن الأمر قد يفوقها، لأنها أرزاق غير مرئية تُشكّل جوهر الإنسان وروحه، فكان الحرص على تطويرها وحفظها أمراً في غايةَ الأهمية، لنرتقي بعدها بأنفسنا ومجتمعاتنا.
ومضة:
جميل أن يكون لك قلبٌ أنت صاحبه.. ولكن الأجمل أن يكون لك صاحبٌ أنتَ قلبه.
arwaalmouzahem@gmail.com
المكاسب الثمينة هي هبات يهبها رب الخلق للخلق، هي أشياء نشعر بها ولا نلمسها أو نراها