عندما يوجه هذا السؤال لنا: من الذي يصنع مستقبلك؟
تتنوع إجاباتنا، فمن قائل: أن من يصنع المستقبل هو أنت، فأنت تحدد مستقبلك حسب همتك وطموحك، ومن قائل: أن من يصنع المستقبل هو الشهادة، فحسب شهادتك يكون مستقبلك، ومن قائل: أن من يصنع مستقبلك هم من حولك، ومن قائل: أن من يصنع المستقبل هو الواسطة، ويدللون على ذلك أن هناك من تولى مسؤولية وهو لا يملك من المؤهلات إلا أنه من معارف أو أقارب المسؤول فلان.
بينما الحقيقة أن جميع الإجابات المذكورة خاطئة، فمن يصنع مستقبلك هو ربك جل جلاله، فهو سبحانه القائل: (والله خلقكم وما تعملون) ويقول الذي لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله وسلم: «إنَّه لا تَموتُ نفسٌ حتى تسْتكمِلَ رِزْقَهَا وإنْ أبطأَ عليهَا»، وقد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق: «إنَّ أحدَكم يُجْمَعُ خَلْقُهُ في بطنِ أمِّه أربعينَ يومًا ، ثم يكونُ علقةً مثلَ ذلك ، ثم يكونُ مضغةً مثلَ ذلك ، ثم يُرسلُ اللهُ تعالى إليه الملكَ فينفخُ فيه الروحَ، ويُؤمرُ بأربعِ كلماتٍ : رزقُه و أجلُه و عملُه و شقيٌّ أم سعيدٌ».
إذن المستقبل محسوم وواضح، ولكن الاتكال على ذلك لا يكفي، فلابد من بذل الأسباب للحصول على ما كتبه الله، هذه سنة الله في الأرض، يقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: « الكيّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأماني» ويقول الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا يقعدن أحدكم عن طلب الرزق ويقول اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضة، وإنما يرزق الله الناس بعضهم من بعض.
ولذلك لابد من الحرص على الشهادة الدراسية والتفوق العلمي فيها، وبناء الفكر، وتنمية المهارة، ومعها تقوى الله وبر الوالدين وصلة الرحم، وأبشر بعدها بمستقبل مشرق، فمن يخوف من المستقبل هو الشيطان: «الشيطان يعدكم الفقر ويأمركم بالفحشاء» أما أرحم الراحمين» والله يعدكم مغفرة منه وفضلا والله واسع عليم»
إذن توكلوا على الله وابذلوا الأسباب واطمئنوا على مستقبلكم.
aldabaan@hotmail.com