إدارة اللسان والقرارات قبل الانهيارات

في العقود الفارطة كانت الحملات الإعلانية والإعلامية الرسمية هي سيدة الموقف وذات التأثير والصوت الأبرز في توجيه الرأي العام. والآن في ظل التحول الرقمي والتطور التكنولوجي أصبح الأمر مناط بالجانب الفردي وبالسلوك المجتمعي وكذلك تصرفات القياديين وقرارات الشركة أو أي حوادث أخرى والتي من الممكن أن يتم تداولها بسرعة وبشكل ضخم وتقود إلى سقوط مدو في لمح البصر.
لقد أعيد تشكيل عالم المال والأعمال نتيجة التطور التقني ولم تعد قوة الشركات على أثره تقاس بالأصول وحجم المبيعات وجودة المنتج فقط. بل بتفردها على استقراء السوق وفهم السلوك المجتمعي وتجنب ما يثير حساسيته والتواصل المرن والمدروس.
ولذلك، غدت الشركات العالمية لاتشعر بالأمان الدائم رغم قناعتها المطلقة بجودة منتجها ونجاحاتها المتكررة وبدت تخشى من الحضيض وهي في القمة وركنت إلى دراسة كل خطوة أو تغيير أو قرار بدقة لتجنب الإضرار بسمعتها.
أما محلياً، فأن الحفاظ على الشركات الوطنية والعلامات التجارية السعودية «البراندات» جزء لا يتجزأ من قوة ومتانة الاقتصاد الوطني وكذلك على الهوية الثقافية والاقتصادية للبلد كما إنها رافد حقيقي ودلالة على مدى التطور الذي تعيشه الدولة في ظل هيمنة المنتجات العالمية على الأسواق المحلية للدول ومدى تجذرها في أعماق المستهلك المحلي مما يصعب المنافسة. ولذلك، أصبح الحفاظ عليها أمراً سيادياً قبل أن يكون اقتصادياً.
ويقع ذلك الأمر على عاتق الدولة والمستهلك وملاك وقياديي الشركات على حد سواء حيث يجب على الدول دعم منتجاتها الوطنية وعلاماتها التجارية حتى تصل إلى مستويات المتانة التي تمكنها من الاستمرار بذلك -بإذن الله-، وكذلك يجب على المواطن أن يدعمها لتكون خياره الأول في الاستهلاك حتى تصل إلى الجودة المطلوبة ومن ثم حمايتها بعدم السماح للآخرين بالإضرار بها من خلال الحملات الممنهجة والتي عادة ما تقود إلى المقاطعة ومن ثم خسارة علامة محلية مهمة بالإضافة إلى فقدان وظائف كثيرة وتوقف دوران الأموال في هذه الشركات ومورديها المحليين داخل الوطن بدلاً من هروب الأموال للخارج.
أما الملاك وقادة هذه الشركات، فعليهم الاهتمام بجودة المنتج وعدم ترك الأمر لسياسة الأرباح قصيرة المدى على حساب الاستمرارية والنمو المطرد، كما أن عليهم الحرص الشديد في التعامل مع الجمهور وعدم إصدار قرارات أو التعامل مع إحداث معينة بطريقة قد تثير الرأي العام الذي أصبح من السهولة إثارته في ظل سلاسة تداول المعلومة وسرعة انتشارها في زمننا. فكم من شركة انهارت بسبب زلة لسان أو قرار متسرع لم تحسب نتائجه، ولنا عبرة في شركات عالمية اختفت أو انهارت أرباحها بسب ذلك.
harbimm@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *