في الأسبوع الماضي، شهرت وزارة التجارة بمواطنين اثنين وأربعة مقيمين لتورطهم في جريمة تستر تجاري في قطاعات المقاولات والأجهزة الطبية ومنتجات التبغ، وصدر ضد المُدانين الستة حكم قضائي نهائي مؤيد من محكمة الاستئناف يدينهم بارتكاب جريمة التستر، وهذا الخبر كان حديث جميع وسائل التواصل الاجتماعي، وأشاد فيه العديد من المواطنين بعد نشره تفاصيله رسمياً.
تفاصيل الخبر تضمن تورط المواطنين في تمكين الوافدين الأربعة من مزاولة النشاط التجاري لحسابهم الخاص دون رخصة استثمار أجنبي، بالإضافة لمنحهم أدوات التصرف في كيانات تجارية تابعة لهما بشكل مطلق، كما ثبت للجهات المختصة زيادة حجم التعاملات المالية للأشخاص المُتستر عليهم بما لا يتناسب مع دخلهم الشهري، وتحويلهم الأموال الناتجة عن نشاطهم غير المشروع إلى خارج المملكة.
ظاهرة التستر التجاري تعتبر خيانة للوطن، وهذه الظاهرة مازالت تنخر في جسد الاقتصاد السعودي منذ سنوات عديدة ولم تختفي حتى الآن، وفي السنوات الماضية منذ تأسيس البرنامج الوطني لمكافحة التستر، تم منح عدة مخارج مجانية لجميع المخالفين من خلال فرص طويلة الأمد، ولكن للأسف مازال البعض يتجاهل أضرار هذه الجريمة والتي تعتبر من أخطر أشكال الغش الاقتصادي الذي تترتب عليه آثار مدمرة على الاقتصاد المحلي، حيث تتجاوز تلك الأضرار بكثير المكاسب الفردية الضيقة للمتورطين فيه.
التبليغ عن ظاهرة التستر التجاري يعتبر واجب وطني وضروري لكل فرد من أفراد المجتمع لحماية الاقتصاد الوطني، ويحفظ النظام العام وحقوق المواطنين المُخلصين الذين يمارسون أعمالهم التجارية بشكل نظامي وبمنافسة عادلة. ومن تجارب شخصية؛ للأسف أرى أن أساليب التبليغ في بعض الاوقات مازالت بدائية وتحتاج لتطوير أكبر، وما زلت أرى أن اجراءات البت في تلك القضايا يأخذ مساراً طويلاً بالرغم من تطور العديد من الاجراءات الحكومية منذ إطلاق رؤية المملكة، وهذا التأخير يحتاج لإعادة النظر بشكل عاجل تعزيزاً لمبدأ المنافسة العادلة في الأعمال داخل المملكة.
على الرغم من تجربتي السابقة في الابلاغ عن التستر التجاري والتي اعتبرها مُحبطة وغير متوقعة، إلا أني حريص جداً على دعم جميع توجهات البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري في المملكة، ومن خلال جميع المنصات الإعلامية «كواجب وطني» سأدعم مبادراتهم ونشراتهم التوعوية في هذا الجانب والتي تم نشرها بمختلف اللغات للتحذير من خطورة هذه الظاهرة، والتي يتلاعب من خلالها بعض الوافدين على بعض أبناء الوطن.
التجربة التي مررت بها لا تقلل من جهود جميع العاملين في البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، ولا تقلل من حرصهم على أداء عملهم بكل أمانة وإخلاص، وأنا على ثقة كاملة في جميع من يعمل لمكافحة هذه الظاهرة والتي تؤدي لترسيخ ثقافة التحايل على النظام وعدم احترام القانون، مما يقوض القيم الأخلاقية والمجتمعية التي تقوم عليها المجتمعات المستقرة.
علينا جميعاً أن نتكاتف وندعم جميع توجهات الجهات المعنية في مكافحة التستر التحاري وعلى رأسهم البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري، فآثار هذه الظاهرة تعتبر مُدمرة للمنافسة العادلة وهدر المال العام وعرقلة توجهات اقتصادية عديدة تعمل عليها المملكة منذ إطلاق رؤيتها، ومن هذا المنبر أجدد العهد في دعم جميع ما تقوم عليه الجهات المعنية لمكافحة التستر التجاري، وهذا يعتبر كأقل واجب وطني أقوم به كفرد من أفراد المجتمع الداعمين لتطبيق الأنظمة على الجميع دون استثناء.
ختاماً؛ بكل امتنان أتوجه بالشكر الجزيل لجميع الجهات المعنية التي ساهمت في تطبيق العدالة وتطبيق أقصى العقوبات على المخالفين، وعلى رأسها البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري والوزارات والأجهزة الأمنية والقضائية، وأقول لهم «حفظتوا مصالح الوطن والمواطن، ودمتم ذخرًا لاقتصادنا الوطني».
مستشار موارد بشرية
khaled@econsult.com.sa