في قصر الحقيقة، نُصِّبَ التسامح قاضيًا عادلًا، وامتلأت الساحة مع قدوم المواقف، وتوجهت الأنظار نحو الظلم، الغضب، والفتنة.
الظلم، المتهم في الجلسة الأولى، وتحدث العدل المحامي عن المواقف المتضررة من الظلم، وكيف ساهم في نشر الحزن، وساعد في زرع أشواك التباعد الاجتماعي، والمهني، والشخصي، فالظلم أبعد أفراد الأسرة الواحدة عن بعضهم البعض، وصنع حواجز بين الموظفين، وسبب الكثير من المشكلات بين الأصدقاء، وكل هذا بسبب كلماتٍ تنفخ رماد الأيام لتشعل النار من العدم، وللأسف، تتضح حقيقة من يشبهون الفراشات التي تلقي بنفسها في النار، فيظهر جليًا السراب من الواقع.
الغضب، المتهم في الجلسة الثانية، وتحدث الحِلم محامي الدفاع عن التأثير النفسي عندما يدخل الغضب إلى عقل الشخص يخرج عن السيطرة، ومع تأكيده أنه ساعد بعض المواقف قبلًا؛ فعندما توبخ الأم أطفالها، فإن هذا نابعٌ من تربيتها لهم التي تشير فيها للتصرفات السيئة، والجيدة، ولكن الشجار بين الزوجين أمام أبنائهما يجعلهم في حالٍ يرثى لها، ومع الأيام يصبح حالهم مثل البناء الذي قام على أساسٍ أعوج، وسينهار مخلفًا وراءه دمارًا يصعب استخراج من هم تحت أنقاضه، ومع هذا التباين يكون الغضب مثل درجة حرارة الماء؛ فإذا ارتفعت درجة حرارتها ستكون النتيجة حروقًا مؤلمة، وإن انخفضت ستصنع جروحًا ولأجل ذلك طالب الحِلم بمراعاة هذا المتهم الهائج.
الفتنة، المتهمة في الجلسة الأخيرة، والتي جعلت من لسانها السليط جسرًا للتشتت، والتناثر الإنساني؛ فالفتنة يمكنها السيطرة على عقول الناس مما يسبب تذبذب العلاقات، فتتعالى الأصوات، وتتباعد مسافات التواصل مما يجعل مقص الشر يكتب السطر الأخير من حكاياتٍ رواها الوفاء من نبع الإخلاص، ومع هذه المواقف تظهر حقائق مجهولة الهوية، فقد يصبح الصديق على كف إعصار يختار فيه صداقته على هجرانها، وكثيرون غادروا القلوب ليتركوا خلفهم الألم الصامت الذي لا حديث له سوى نظراتٍ لا يفهمها سوى القلب الصادق.
في الجلسة النهائية، حكم التسامح على الظلم بالدخول إلى متاهة الصدق، وعلى الغضب بالجلوس على ميزان العقل، أما الفتنة فحكم عليها بالحبس المؤبد.
BayianQs03@outlook.sa