كيف تجرأ الشر على الحق؟

هل تبحر بك التساؤلات في أحيانٍ كثيرة، حول الخير والشر؟ الظلم والحق؟ عندما تشاهد أفلاماً أو مسلسلات، أو عندما تستمع لقصة من حكيم في المجلس؟

أليس الحق ذو صوت عالٍ وصدّاح؟ أليس واضحاً ساطعاً كالشمس؟ من أين للشر كل هذه القوة؟ أليس من صنع كيدٍ ضعيف؟
فكيف تمكن الشر من حبك كل تلك المؤامرات؟
لقد تجرأ الشر عندما استحى الحق! نعم صحيح أن الحياء ما تحلى به شيء إلا وازدان وتجمل إلا الحق، فعندما يستحى تحتجب قواه عن قوتها فلا تعود فاعلة.
يقول الحكماء أن العقل البشري لا يستطيع فهم بعض الأمور إلا بوجود أضدادها، كما أنه في شواهد كثيرة على مر التاريخ والعصور تثبت عدم وجود شرٍ محض. أليس المرض شراً؟ ولكن العلوم الطبية أثبتت أن الجهاز المناعي للجسم يصبح أقوى بعد هذا النوع من الشر. أليس ثوران البراكين يظهر خيرات أرضها ويعيد خصوبتها لطبيعتها، أليس تنوع الفصول رغم حرارة الصيف يذيقنا فواكه ملونة ولذيذة؟ ألم تصنع صعاب الحياة منك إنسان أكثر رشداً وحكمة؟
لا يوجد عالم جميل كامل به الرخاء والسعد والهناء إلا في جنان الخلد، أما على هذه الأرض فالقوانين مختلفة، ومن حكمة الإله الذي أبدع كونه أن جمع الأضداد فيه، وكل شيء عنده بمقدار، كما أنه جعل بعد العسر يسرين، فما أكرمه وأرحمه.
ولكن ظهور المدرسة الأفلاطونية كمدرسة فكرية تأثيراً غير مسبوق، كيف؟ سُئل أحد الحكماء، لماذا لا يكون العالم فقط به السعادة والطمأنينة والرخاء؟ فرد على سائله: لسقطت الأخلاق، إن للبشرية شروراً قد يكون أساسه الطمع والجشع والركض خلف المصالح ولكن هناك شرور أشد سواد، إنه عندما يريد المرء الإضرار بأخيه، وسلبه ما يملك من الأموال أو الراحة النفسية والبدنية، وهذا النوع من الشرور لهو شرور الشياطين وقد يكون محركه الأساسي هو الحسد أو الغيرة أو كره الخير للآخرين.
ولنتذكر أعزائي القراء أن للحق سمات يجب أن نحافظ عليها ونعزز سبل بقائها فصلاح الأرض من صلاح موازين الحق والعدل، فنصلح ما بداخل نفوسنا، فلا رزق الآخرين بمنقصٍ من رزقنا، فمن يهب لنا لديه خزائن السماوات والأرض وكن واثقاً ما طمعت نفسك به أو اغريت عينك بسطوعه ولمعانه، أو غناه وجاهه فما عند الله أغلى وأعز، سله فإنه مجيب الدعاء.
وتذكر بأن للحق صوت صداح يهيب القلوب المريضة بالشر والغل، فلا تستسلم إذا ما كانت سمائك بسواد الغمام مغطاة، فوربك ستشرق من بعد الظلام شمساً مشعة.

bshaleid@live.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *