لا عمل في المهن الخطرة دون ترخيص وفحوص طبية: مشروع لائحة جديدة لتنظيم العمل

طرحت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عبر منصة ”استطلاع“ مشروع لائحة جديدة لتنظيم العمل في المهن ذات المخاطر العالية، بهدف تعزيز حماية العاملين وضمان توفير بيئة عمل آمنة تتماشى مع أفضل الممارسات العالمية.

واستندت الوزارة في إعداد هذه اللائحة إلى المادة «131 مكرر» من نظام العمل، التي أُضيفت مؤخرًا بهدف ضبط آليات ممارسة هذه المهن وفق معايير دقيقة تراعي طبيعة المخاطر ومستوى ومدة التعرض لها.

التزامات أصحاب العمل والجهات الحكومية

ألزمت اللائحة الجديدة المسؤول الأول في الجهات الحكومية والقطاع العام المدني، إضافة إلى أصحاب العمل في منشآت القطاعين الخاص وغير الربحي، بمجموعة من الالتزامات التي تهدف إلى تعزيز السلامة المهنية وحماية العاملين في المهن ذات المخاطر العالية.

ومن أبرز ما جاء في هذه الالتزامات، ضرورة توجيه العاملين لإجراء التدريبات المتخصصة والفحوصات الطبية الدورية، باعتبارها شرطًا أساسيًا للحصول على تراخيص ممارسة هذه المهن.

وشددت اللائحة على أهمية إدراج برامج تدريبية متخصصة ضمن خطط التدريب الخاصة بالمنشآت، تركز على توعية العاملين بالمخاطر المرتبطة بطبيعة مهامهم وكيفية التعامل معها.

وأكدت اللائحة على دور الأطباء المختصين في الطب المهني، حيث ألزمت أصحاب العمل بإشعارهم بأي مخاطر قد تهدد صحة العاملين أو تؤثر في سلامتهم أثناء مزاولة المهنة.

سجلات صحية مهنية

وأوجبت إنشاء سجلات صحية مهنية تحفظ فيها بيانات العاملين وخدماتهم الصحية، على أن تتم مشاركتها مع الجهات المختصة وفق نظام حماية البيانات الشخصية.

ولم تغفل اللائحة جانب الإبلاغ عن الحوادث والأمراض المهنية، إذ فرضت الإشراف المباشر على هذه العملية من خلال المنصة الإلكترونية المخصصة لذلك، مع ضمان اتخاذ الإجراءات التصحيحية اللازمة في الوقت المناسب.

وحمّلت أصحاب العمل مسؤولية متابعة التزام الجهات المتعاقدة بتنفيذ أحكام اللائحة، ومنعت تكليف أي عامل غير مرخص بممارسة المهن المصنفة ضمن قائمة المخاطر العالية.

وفي إطار الوقاية، شددت اللائحة على ضرورة توفير معدات الحماية الفردية والجماعية ومراقبة تطبيقها بما يتماشى مع المواصفات السعودية المعتمدة للسلامة والصحة المهنية، إضافة إلى إلزام أصحاب العمل بالتأكد من خضوع جميع العاملين لفحوصات اللياقة الطبية المعتمدة، بما يضمن جاهزيتهم الصحية لممارسة مهامهم دون تعريض أنفسهم أو غيرهم لأي مخاطر.

واجبات العاملين في المهن عالية الخطورة

من جانب آخر، لم تقتصر اللائحة على التزامات أصحاب العمل فقط، بل حددت بوضوح مسؤوليات العاملين أنفسهم، مؤكدة أن سلامة بيئة العمل مسؤولية مشتركة.

وأوجبت على الموظفين والعاملين في المهن ذات المخاطر العالية الالتزام الكامل بتدابير الوقاية والحماية، وعدم تعريض أنفسهم أو زملائهم لأي مخاطر مباشرة أو غير مباشرة، مع المبادرة بالإبلاغ الفوري عن أي ممارسات غير آمنة قد تخل بمعايير السلامة.

وشددت اللائحة على أن الحصول على التدريب اللازم والترخيص الرسمي شرط أساسي قبل الشروع في ممارسة المهنة، مع إلزام العاملين بالإفصاح عن أي أعراض صحية أو إصابات أو أمراض مهنية قد تؤثر على أدائهم، وتقديم البيانات المطلوبة للجهات المختصة.

وألزمت اللائحة العاملين بالتعاون مع أصحاب العمل في كل ما يتعلق بالفحوصات الطبية والتدريبات والاختبارات الفنية اللازمة، وذلك لضمان جاهزيتهم وقدرتهم على مزاولة أعمالهم بسلامة.

تطبيق متطلبات السلامة

وفي حال صدور تقرير طبي أو مهني يثبت عدم صلاحية العامل للاستمرار في أداء مهامه أو انتهاء ترخيصه، يتوجب عليه التوقف فورًا عن ممارسة العمل.

كما منحت اللائحة للعاملين دورًا رقابيًا، حيث طالبتهم بالإبلاغ عن أي تجاوزات أو مخالفات من قبل المنشآت في تطبيق متطلبات السلامة، بما يعزز ثقافة المشاركة والمسؤولية المشتركة في حماية الأرواح وضمان بيئة عمل آمنة. آلية تصنيف المهن وخطورتها

وضعت اللائحة معايير دقيقة لتصنيف المهن عالية الخطورة، تشمل طبيعة العمل، والوصف الوظيفي، ونوعية المواد والعوامل الفيزيائية أو الكيميائية أو الحيوية التي يتعرض لها العامل، إضافة إلى مستوى ومدة التعرض، وإحصائيات الحوادث والوفيات، ومدى الضرر على العاملين أو البيئة.

وبناءً على ذلك، قُسمت المهن إلى فئتين أساسيتين:

· المهن الخطرة: وتشمل المهن التي تهدد السلامة الجسدية أو النفسية بسبب طبيعتها مثل العمل في المناجم أو التعامل مع الآلات الثقيلة أو المواد السامة.

· المهن المقيدة: وهي المهن ذات المخاطر المحتملة التي تمتد آثارها للمجتمع أو البيئة أو الممتلكات، وتتطلب تراخيص خاصة لممارستها.

تفاصيل المخاطر المرتبطة بالمهن

وتفصيلًا، تضمنت اللائحة قائمة موسعة بالمخاطر التي قد يتعرض لها العاملون في المهن عالية الخطورة، حيث رصدت 26 خطرًا رئيسيًا يشكل كل منها تهديدًا مباشرًا أو غير مباشر على صحة وسلامة الموظفين.

ومن بين أبرز هذه المخاطر، العمل في المرتفعات وما قد ينجم عنه من حوادث سقوط سواء للأشخاص أو للأدوات والمعدات، إضافة إلى مخاطر العمل في الأماكن المغلقة التي قد تؤدي إلى التعرض للغازات السامة أو الخانقة نتيجة ضعف التهوية أو انعدامها.

وشملت القائمة مخاطر عمليات الرفع اليدوي أو الميكانيكي للأجسام الثقيلة، والتي قد تتسبب في إصابات خطيرة تتراوح بين الكسور والإجهاد العضلي، فضلًا عن أخطار التعرض للطاقة الكهربائية أو الميكانيكية التي قد تؤدي إلى الصدمات أو الحروق أو حتى حالات البتر.

الحوادث الناجمة عن حركة المعدات والعربات

ولم تغفل اللائحة الحوادث الناجمة عن حركة المعدات والعربات في مواقع العمل، والتي تُعد من أكثر مسببات الإصابات شيوعًا في مواقع المشاريع الكبرى.

ووضعت اللائحة ضوابط للتعامل مع المواد الكيميائية والمبيدات ومواد التنظيف والمعقمات، نظرًا لما تحمله من مخاطر متعددة تبدأ بالتسمم وتصل إلى الحرائق والانفجارات. كما حذرت من بيئات العمل القابلة للانفجار أو تلك التي تشهد وجود إشعاعات مؤينة، باعتبارها من أخطر العوامل التي قد تهدد حياة العاملين.

ومن بين المخاطر التي تناولتها اللائحة أيضًا، التعرض للعوامل البيولوجية مثل الأمراض المعدية والتعامل المباشر مع النفايات الطبية، وهو ما يستدعي تدابير وقاية صارمة لتفادي انتقال العدوى.

ولم تغفل اللائحة التأثيرات البيئية، حيث أشارت إلى خطورة العمل تحت أشعة الشمس المباشرة أو في المناطق النائية البعيدة عن المرافق الحيوية، وهو ما قد يعرض العاملين للإجهاد الحراري أو تأخر تلقي الإسعافات اللازمة في حالة وقوع إصابة.

وإلى جانب المخاطر الجسدية، تناولت اللائحة البعد النفسي والاجتماعي في بيئة العمل، إذ اعتبرت أن أنظمة الورديات والمناوبات الطويلة تشكل ضغوطًا إضافية قد تؤدي إلى اضطرابات النوم والإجهاد المزمن وانخفاض مستويات التركيز، مما يعزز الحاجة إلى إدارة متوازنة لظروف العمل.

الفحوصات الطبية واللياقة المهنية

أكدت اللائحة أن جميع العاملين في المهن عالية الخطورة يخضعون لفحوصات طبية دورية للتأكد من لياقتهم، تنقسم إلى:

· الفحص الطبي للمهن المقيدة.

· الفحوص الوقائية الدورية للمهن الخطرة.

وتُصنف نتائج الفحوص إلى ثلاث فئات: لائق صحيًا، لائق مع قيود، أو غير لائق صحيًا، حيث يُمنع الأخير من مزاولة المهنة ويُحال إلى مهام بديلة مع توفير التدريب المناسب. كما أتاحت اللائحة حق الاعتراض على نتائج الفحص خلال 30 يومًا، على أن تنظر لجنة مختصة في الاعتراضات خلال 15 يومًا.

التأهيل والتدريب والترخيص

اشترطت اللائحة توفر المهارات والمعرفة اللازمة في مجال السلامة والصحة المهنية لدى العاملين والمشرفين على هذه المهن. كما أوجبت اجتياز برامج تدريبية متخصصة من مراكز معتمدة والحصول على ترخيص مزاولة المهنة عبر المنصة الإلكترونية للمجلس.

وأكدت على سرية السجلات الطبية وضرورة تطبيق تدابير صارمة لحماية البيانات وفق سياسة الحوكمة الوطنية. ويحق لصاحب العمل الاطلاع فقط على القرار الطبي النهائي المتعلق بقدرة العامل على ممارسة مهامه.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *