صدر تقرير بداية العام لمجموعة البنك الدولي بعنوان «لماذا تحتاج الاقتصادات النامية إلى خارطة طريق جديدة للنمو؟»، وأشار إلى أن آفاق النمو طويلة الأجل للاقتصادات النامية هي الآن في أضعف مستوياتها منذ بداية القرن الحالي، ودون تحسن مستدام في معدلات النمو.
ويرى التقرير أن جميع مناطق اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية تواجه أحداث صعبة وتصاعد التوترات التجارية وتزايد حالة عدم اليقين العالمية، مما يؤدي إلى تخفيض تنبؤات النمو لهذا العام فيها، مبيّن أن عوامل سد فجوة الدخل مع الاقتصادات الأكثر ثراء، تبددت معظمها، وظهرت عوامل سلبية حلت محلها، تمثلت في ضعف الاستثمار وتراجع نمو الإنتاجية، وشيخوخة السكان في جميع البلدان تقريبا باستثناء أشد البلدان فقراً، وتزايد التوترات التجارية والجيوسياسية، وتصاعد مخاطر تغير المناخ.
وأن هذه الاقتصادات حققت تقدما كبيرا في القرن الحادي والعشرين، وحققت معدلات نمو في البداية بأسرع وتيرة لها منذ سبعينيات القرن الماضي.
وأبرز التقرير نقطة توجب التوقف عندها، معتبراً أن الاقتصادات النامية أكثر أهمية للاقتصاد العالمي مما كانت عليه في بداية القرن الحالي، فهي تمثل اليوم نحو نصف إجمالي الناتج المحلي العالمي، مقابل 25% فقط في عام 2000. وأنها حققت تحولاً نوعياً في المشهد العالمي في غضون جيل واحد. وقد تعثر التكامل الاقتصادي العالمي، وبلغت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الاقتصادات النامية اليوم نحو نصف مستواها في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. وبلغت القيود الجديدة على التجارة العالمية في عام 2024، خمسة أضعاف متوسط السنوات 2010-2019.
هذا التراجع بعضه يعزوه التقرير إلى عوامل طبيعية لا حول لنا فيها ولا قوة، ولكن غالبه يأتي بسبب السياسات الغير مجدية وربما بسبب الخطط والاستراتيجيات وسياسات الجدوى التي لا تواكب التطورات والاحداث وربما بسبب إدارة المخاطر التي لا يلقى لها بال، والاعتماد على الاستثمارات الأجنبية التي لا تصمد في أي أزمة بسبب التفريط في الضمانات، ولا بد أن نلتفت لها.
فالتقرير أثار نتيجة هامة، بأن الاعتماد على الاقتصادات المتقدمة أصبح أقل مما كان عليه في مطلع هذا القرن، مما يعني وجود فرصة سانحة أمام الاقتصادات النامية، ولكن ينبغي لها أن تدرك حجم المعاناة التي تنتظرها، وأن السنوات الخمس والعشرين القادمة ستكون أشد صعوبة من الماضية، وبالتالي عليها تغيير قواعد اللعبة لتعزيز قدرتها على التحوط وحماية مقدراتها واغتنام فرص النمو أينما وجدت.