صراع خفي في النفوس

يُعرَّف الحسد بأنه تمني زوال النعمة عن الغير، وغالبًا ما يُنظر إليه كصفة مذمومة تنبع من ضعف الإيمان أو قلة الرضا. إلا أن تحليل هذا الشعور من منظور نفسي واجتماعي يكشف بعدًا أعمق، وهو أن الحسد في كثير من الأحيان لا ينبع من خبث داخلي بل من شعور داخلي بالغبن وغياب العدالة.
عندما يرى الإنسان أن الآخرين ينالون ما لا يستحقون، أو يتمتعون بامتيازات لا ترتكز على الكفاءة أو الجهد، يتولد لديه شعور سلبي وخاصة عندما لا ترتكز هذه المؤسسات على الشفافية والمعايير الصريحة ولديها قصوراً بالعدالة. هذا الإحساس يعكس حالة داخلية من الرفض والاحتجاج على ما يبدو أنه خلل في موازين الإنصاف. فالعامل الذي يجتهد دون أن يُقدَّر، أو الطالبة المتفوقة التي تُهمّش لصالح من لها علاقات، بينما يُكافَأ الغير على ما لم يصنع، جميعهم قد يشعرون بشيء من عدم الرضا لكن دافعه هنا ليس الكراهية بل البحث عن العدالة.
هذا النوع يكثر في بيئات العمل وهو أقرب إلى الغيرة النابعة من شعور بالاستحقاق الضائع. في بعض الحالات، قد يكون محفزًا إيجابيًا يدفع الإنسان لتطوير ذاته، لكن في حالات أخرى قد يتحول إلى مرارة داخلية تؤذي الفرد نفسيًا وتدفعه لكره الآخرين أوالانسحاب من المجتمع.
المشكلة لا تكمن في وجود الفروقات بين الناس فهذا طبيعي بل في إدراك الناس لهذه الفروقات على أنها غير عادلة. لذا فإن تعزيز الشفافية وتكافؤ الفرص والاعتراف بالجهود إلى جانب الدور الفعّال للقادة في ترسيخ الإنصاف يحدّ من المشاعر السلبية ويعيد للفرد إحساسه بالتوازن والعدالة.
في الختام، الحسد قد يكون إشارة تحذيرية لوجود مشكلة عميقة تحتاج لحلول جذرية وإعادة النظر. وفهم هذا البعد يُسهم في التعامل مع الظاهرة بوعي، ويعزز أهمية بناء مجتمعات أكثر عدلاً وإنصافًا، لتكون بيئة أقل إثارة للمشاعر السلبية وأكثر دعمًا للنمو والتقدير، ويكمن الحل في المنظمات بتعزيز العدالة التنظيمية والشفافية في التقدير والمكافآت مع غرس ثقافة الاعتراف بالجهود الفردية وتكافؤ الفرص مما يُعزز الانتماء الإيجابي.
هذا النوع يكثر في بيئات العمل وهو أقرب إلى الغيرة النابعة من شعور بالاستحقاق الضائع
gehan-alsh@hotmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *