عندما يصبح الحياد سلعةً تباع وتشترى!

في السوق الصاخبة للرياضة والإعلام، هناك سلعة نادرة تُباع في الظلام وتُشترى بأسعار خيالية: إنها ( بضاعة الموقف الواقف ) أو ما يعرف تجاريًا في الملاعب بـ( الحياد التكتيكي ) .

فنحن نعيش في زمنٍ أصبحت فيه حكمة الإعلامي تُقاس بكمية الكلمات التي لم ينطق بها حين يُظلم نادٍ وموضوعيته تُقاس ببراعة الاختباء خلف ستار الحياد حينما تُهدر حقوق اللاعبين والجماهير. بينما ينطلق كالفهد المدافع حينما يُمسّ الفريق الذي يواليه أو المصدر الذي يغذيه بالأخبار!

إنه فن راق يحتاج إلى دبلوماسية عالية في اللفّ والدوران حول الحقيقة ومهارة في رسم دوائر لا نهاية لها حول خطأ تحكيمي واضح أو قرار إداري جائر حتى يختلط الأمر على الجميع. أهي دوائر حكمة؟ أم دوائر عجز؟ أم دوائر مصلحة؟ والإجابة عليها نعم و1000 نعم!

فها هم سادة هذا الفن فنّانو اللامواقف من الإعلاميين وهوامير ( X ) يطالبون الجمهور بأن يكون مثاليًا أكثر من اللازم! أن يتسامح مع الإدارة الفاشلة! أن يصبر على القرارات الجائرة وكأن الظلم في عالم الرياضة نعمة يجب شكر المسؤول عليها وإذا تجرأ أحد المشجعين وطالب بحقه، نُعَت بـ المتعصب و قلة الأدب و البذاءة !

المضحك المبكي أن هؤلاء المحايدين استراتيجيًا ما إن يُنتَقَد فريقهم المفضل أو يُهاجَم لاعب يوالونه حتى يتحولوا بين ليلة وضحاها إلى فرسان العدالة المطلقة تُسَنُّ الأقلام على منصاتهم وتُشحذ سهام التغريدات وتُفتح سجلات الأرقام والإحصائيات ويُستدعى كل تفصيلة صغيرة للاستشهاد بها! العدالة فجأة تصبح مبدأً مقدسًا لا مساومة عليه والصراحة فضيلة والنقد بناءً !

يا سادة … هذا ليس نفاقًا فقط هذا براغماتية إعلامية! إنه فن اختيار المعارك لكن اللطيف أن معاركهم دائمًا ما تُختار بناءً على بوصلة العلاقات العامة والصلات الشخصية لا بوصلة الإنصاف!

هم لا يرون الخطأ التحكيمي بل يرون ميزان القوى بين النادي واللجنة هم لا يناصرون الحق بل يناصرون الاتجاه الذي تهب فيه رياح العلاقات والمصالح وإذا سألتهم لماذا صمتم حينما كان الظلم واضحًا بحق هذا سيجيبون بكل برودة علينا أن نكون محايدين وننتظر التقارير الرسمية والقضية منظورة وكأن الوقوف مع الحق يعني الانحياز والتزام الصمت يعني الحياد!

الأعجب من ذلك أنهم يطلقون على صمتهم المشبوه أسماءً عظيمة موضوعية، اتزان، احترافية!

ويسمون هجومهم المتحيز على خصوم فريقهم نقدًا بناءً، شجاعة، دفاعًا عن المبادئ !

فيا أيها السادة الإعلاميون ومشاهير (X)كفانا تلاعبًا بالكلمات! كفانا تبريرات واهية! قلها بصراحة: أنت لا تدافع عن المبادئ بل تدافع عن حسابك الشخصي ومكانتك! أنت لا تنقد من أجل الصالح العام بل تنقد من يسئ لك أو لجهاتك!
الصمت في سوق الباطل الرياضي ليس حيادًا أبدا هو توقيع على عقد الرضا بالظلم والخروج من دائرة المسؤولية ليس حكمة….. هو اشتراك مجاني في نادي المنافقين والجبناء!

فإما أن تكون صادقًا مع جمهورك وتقول كلمة الحق كاملة وإما أن تصمت وتعتذر عن لعب دور الحكيم المتزن لأن الحياد حين تُهدر الحقوق هو مجرد اسم آخر للتواطؤ الصامت يُرصّع به الخاذعون تيجانهم الوهمية من المشاهدات والمتابعات!

ختاماً،
قالها الأمير خالد الفيصل … ومشى: يا زمان العجايب …. يا زمان العجايب …. وش بقى ما ظهر؟

ftms99@

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *