بما أنك تعيش قصتك وأنت بطلها؛ لابد أن تعيش بطولات يومية حتى إن كانت صغيرة، وبحكم أنك البطل ستضخمها كما يضخم الإعلام المواضيع التي يريد أن يظهرها وهي في حقيقة الأمر غير مهمة أو ليس لها تأثير، إلا أنها تسعدك!
سأذكر لكم بطولاتي في الأيام الماضية الأخيرة، والتي ستكون بالأغلب هي بطولات الطريق، وأولها: خروج أحد كفرات “مركبتي” عن طورها، وطقت كبدها حتى وصل ضغطها إلى صفر! في ظهيرة يوم السبت من شهر أغسطس؛ وأرجو عدم التركيز على “يوم السبت” ولا “شهر أغسطس”، بل فقط ببطولتي في تجربتي الأولى مع تغيير الكفر! لحظة فليهدأ خيالكم قليلاً، فلم “اتربع” واغيره بنفسي، بل كان وجودي معنوياً لمن غيره لي فقط، والتجربة بحد ذاتها بطولة ودخلت الخزينة !
أما البطولة الأخرى هي في صباح توجهي للعمل، كانت أمامي مركبتان تتصارعان؛ أيهما لها الكلمة الأخيرة في أن تتنحى لتعبر الأخرى، أو أن تبقى الثانية ملتصقة خلف الأولى! وحقيقةً هو مشهد يضيع وقت الطريق، فمن سيغلب؟ ولكن البطولة الحقيقة في هذه اللقطة، كانت للمرور السري الذي خرج فجأة وأوقف تحديهما “وضاعت علموهما” ثم تنحّا معاً في المسار الأيمن! “ليه الهياط!”.
وفي ذات الشهر أيضاً -وذكره هنا فقط للتوقيت وليس للتذكير بأغسطس- طلبت قهوتي المعتادة من مكان لطيف اعتدت أن “احتسي” منه قهوتي الباردة، فإذا بذباب يغوص في بحيرة القهوة! “يعني لم تجد مسبحاً إلا في قهوتي!” ولرد الاعتبار تحولت يومها إلى شرب الشاي.
لاحظت بأن هناك من يعد بطولاته في “الحلطمة” ورؤية ما يعيشه كتجارب سيئة، لأنه يقارن نفسه بتجارب غيره التي يظهرها عبر فيديو قصير، أو فضفضة قصيرة نصية، لمشهد عبّر عن جماله وبروزه إعلامياً لتكون القاعدة في سير حياته! فهل حياته العملية مثلاً تخلو من التحديات والمشاكل وقفز الحواجز! أم أنه عنون عمله بكلمات أو لقطة جميلة ليعيش الجمال فقط ويرمي خلف ظهره السلبيات!
ابسط يديك أمامك فضلاً، أترى! هي من تثَّبت البطولات اليومية التي تعيشها وبفكرك أنت تفسرها! فإما أن تعبِّر عنها بطريقة تسعدك، أو تحفرها بطريقة مؤلمة، فكلا الحالتين هي قصتك وأنت من يقرر أي جانب تريد أن تعيش فيه؛ فحتى في أحلك اللحظات حزناً أو ألماً، ستجد الجمال في اهتمامٍ أو مساندة أو انتشالٍ في أشد اللحظات سواداً ووحدة.