بين حينٍ وآخر، يتحرك داخلي دافعٌ نحو التحكّم في أقداري، وكأنني أقول: “أنا أعرف ما أريد”، لكنني دائمًا أتساءل: هل أنا واثقة مما أريد؟ ما هو الشيء الذي أريده أصلًا؟ وكيف أصل إليه؟ وهل يتعارض مع ظروفي؟ هل الأشياء التي أريدها تستحق أن أقاتل لأجلها؟ ماذا لو قاتلتُ بكل ما أملك، وتركتُ الذي أمامي وخلفي، ثم اتّضح أن الأمر لا يستحق؟ هل سأشعر بالندم؟ أم أهتف لنفسي، بنبرة مترددة: «المهم أنني جرّبت»؟
أخشى من فكرة أن أجري نحو السراب، أن أمشي بخطى تُثقِل كاهلي، وأجرّ كتفيَّ المتعبتين، وأنفاسي تكاد تنقطع… دون أن أعرف متى يجب أن أتوقّف. ويتردد داخلي سؤال لا يهدأ: هل قدري هو ما أريده؟ أم أن ما أريده ليس قدري؟
تمرّ الأيام، وتزورني فكرة: ماذا لو تركتُ القدر يأخذ مجراه؟ يأخذني إلى مكان لم يسبق أن حضر في خيالي فهل هذا ممكن؟ في الحقيقة، ربما يكون ترك الأقدار تمضي كما تشاء، أحيانًا، أفضل من القتال لأجل ما نريد، كم من نقطة تحوّلٍ حصلت، وقلبت الموازين، وكانت أسمى من كل ما تمنّيناه.
هناك شعورٌ عميق في التخلّي عن الحاجة للتحكّم في كل مصير، ثم أفكر: لماذا نجعل الحياة دائمًا تدور حول المعركة أو الاستسلام؟ لماذا نجعلها صراعًا بين القلب والعقل؟ بين الأماني والظروف؟ بين «أنا» وقدري؟
لا أتصوّر أن أُسلّم نفسي لقدرٍ مجهول، قد تنهش الأسئلة رأسي مثل النار في الهشيم، وفي المقابل، يدَيَّ خاويتان من الفُرص، هناك لحظة، تصبح فيها إنجازات الماضي عبئًا يثقل كاهلي.
كيف لي أن أُجاري نفسي القديمة؟ كيف أرضي توقّعاتٍ صنعتُها بيدي؟ ربما لا أحتاج أن أقاتل ولا أن أستسلم، بل أن أتعلّم كيف أُصغي لصوتي الداخلي، وأدع الأيام تُفاجئني، دون أن أتعلّق بما أُريد.
لا أعرف إن كنتُ سأُقاتل أو سأستسلم، لكنني أعرف أنني لا أُريد أن أعيش خائفة من خوض بدايةٍ أبحرتُ بها في خيالي، رسمتُ تفاصيلها كما أحب، وشعرتُ بحقيقةِ حدوثها. أنا لا أبحث عن معركةٍ ضد القدر، قد أترك للقدر مساحته، وأتمسّك بخطى يومي، ما دمتُ لا أملك خطى الغد.
shahadaljohani823@gmail.com