@karimalfaleh
في مدينة لا تعرف العربية إلا همسا في قلوب عشاقها، اجتمع الاتحاد والنصر في مسرح غريب عن ماضيهما.
هونغ كونغ، مدينة الأبراج العالية والأنوار التي لا تنام، والتي تعني بالصينية “الميناء العَطِر”، احتضنت مباراة تحمل أكثر من كرة تتدحرج على عشب الملعب، كانت أشبه بلقاء قديم جاء كلّ منهما ليبرهن أنّ المجد لا مكان له، وأنّ الكؤوس يمكن أن تسافر أبعد من الصحراء لتستقر مؤقتا في ذاكرة الشرق البعيد.
الاتحاد دخل الملعب بملامح فريق يعرف أنّ تاريخه أكبر من أي مباراة في عيون لاعبيه، كانت جدة بكل ضجيجها، وكانت الأمواج التي تعلّمهم الصبر والقتال، بينما النصر، بأصفره المضيء، بدا شمسا أبت أن تغيب عن سماء بعيدة، كان الفريقان يشبهان قصتين تتقاطعان في لحظة مصيرية: أحدهما يحلم بالانتصار كي يثبت أنّ الزمن ما زال له، والآخر كتب صفحة جديدة تليق بأحلام جماهيره.
لم تكن المباراة مجرد دقائق تُحسب على ساعة حكم أو في قلب مشجع، بل كانت أشبه بامتحان للذاكرة أيّ الفريقين سيجعل من هونغ كونغ شاهدا على أن كرة القدم ليست لعبة فحسب، بل أنشودة تُكتب بأقدام اللاعبين ودموع الجماهير؟
كل هجمة كانت جملة شعرية ناقصة، لا تكتمل إلا بهتافٍ يملأ المدرجات، كل فرصة ضائعة كانت أشبه بموعد حبٍّ لم يكتمل. أما الأهداف الثلاثة، فكانت تشبه اعترافا مؤجلا يصل متأخرًا لكنه يهزّ القلوب بقوة.
انتهت المباراة. فاز النصر لكن ما انتهى حقا هو وهم المسافة. فالجماهير التي جاءت من الرياض وجدة والدمام، وحتّى من أماكن أبعد، أدركت أن لحظة الفرح النصراوي أو الخيبة الاتحادية تكفي لتجعل العالم كله ملعبا واحدا.