الوزير في الوادي

كان حدثاً رائعاً أن يزور وزير السياحة أحمد الخطيب قريتي بني مشهور في وادي فيق بالباحة الأسبوع الماضي ضمن جولته السياحية لأبرز معالم المدينة. على الأقل هذا ما شعرت به وشعر به آخرون من أهالي القرى المطلة على الوادي.
على أن وادي فيق الفسيح المثمر، يشتهر عند الأهالي كأحد أجمل أودية المنطقة، إلا أنه ظل طوال عقود موقعاً سياحياً مغموراُ للسواح من خارج المنطقة، حتى نجحت إحدى نساء الوادي أن تعيد ترتيب قائمة أهم المعالم السياحية في الباحة، لتضع وادي فيق الذي ولدت ونشأت فيه في المراكز الأولى. فبإمكاناتها المحدودة ومزرعتها الصغيرة ومنتجاتها العضوية من الخضروات والفواكهة والألبان ومشتقاتها، استطاعت المزارعة فوزية كجم، أم مصعب، أن تصنع قصة ملهمة كأحد أهم الرائدات في مجال السياحة الريفية في الباحة، ولم تكن زيارة الوزير الخطيب لمزرعتها سوى فصل واحد من فصول جميلة عدة في حكايتها.
مع بزوغ الفجر تبدأ رحلتها اليومية لرعاية 300 شجرة حتى غروب الشمس، وكأنها تعيش مع النباتات، ومع ذلك تشعر بالشوق إلى أشجارها كل يوم، «الزراعة سعادة، لذا أتفقد أشجاري كل صباح كما لو أني أتكلم معها، وأفهم لغتها»، هكذها تصف أم مصعب، سر شغفها بالزراعة في لقاء تلفزيوني على قناة الإخبارية.
وعلى الرغم من وجود مئات بل آلاف من السيدات في المنطقة والمملكة اللاتي يملكن شغف بالزراعة وتحقيق الإكتفاء الذاتي، فضلا عن التجارة وتأمين مصدر دخل جيد من مبيعاتها، لكن شغف أم مصعب بدا مختلفاً، فهي برعت في تطوير منتجات غذائية وبناء علامة تجارية ذاع صيتها وبات لها قنوات بيع في مكة وجدة. كما ابتكرت مبادرات ذات أثر مستديم على البيئة ساهمت في تقليل الهدر البيئي بتطوير اسمدة من مخلفات التمر والفواكه مثل قشور البرتقال، ما دفع ببرنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى دعوتها لعرض تجربتها في مؤتمر الدائرة الخضراء في سبتمبر الماضي.
سخاء أم مصعب لم يقتصر على مزرعتها، بل امتد إلى محيطها، لذا خصصت قناتها على سناب شات لتقديم جرعات تثقيفية لأهم مبادىء الزراعة الصحيحة، إضافة إلى تبرعها بتسويق منتجات زميلاتها المزارعات الباحثات عن بيع محاصيلهن، وهو دور اجتماعي تم توثيقه إعلامياً.
الأكيد أن طريق أم مصعب، الزوجة، والأم المربية الفاضلة لأبناء وبنات متخصصين في علوم الطب والهندسة، لم يكن مفروشاً بالورود في مجتمع قروي، لكن قصتها تعلمنا أن الشغف والمثابرة والإخلاص في العمل ثمرته النجاح وصعود المعالي.
waleedalahmmed@yahoo.co.uk

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *