يُعد التغيير سمة أساسية في عالم اليوم المتسارع، سواء على مستوى الأفراد أو المؤسسات. ومع ذلك، كثيرًا ما تُقابل مبادرات التغيير بالمقاومة، ما يطرح تساؤلات حول أسباب هذه المقاومة: هل هي مرتبطة بطبيعة بعض الشخصيات؟ أم أنها تنبع من مصالح خفية؟
من أولى أسباب مقاومة التغيير ارتباطه بالشخصيات التقليدية التي تميل إلى الاستقرار وتخشى المجهول. هذه الشخصيات تجد في الروتين أمانًا وفي التكرار راحة، ما يجعل أي محاولة لكسر هذا الإيقاع بمثابة تهديد لاستقرارها النفسي والسلوكي. لكن في كثير من الحالات، لا تكون المسألة متعلقة فقط بالخوف أو العادة، بل تتعداها إلى مصالح مادية ومعنوية. فبعض الأفراد يرون في التغيير خطرًا يهدد امتيازاتهم أو يعرضهم لفقدان النفوذ الذي راكموه عبر الزمن. ومن هنا، فإن الطمع في الحفاظ على المكتسبات أو زيادتها يُغذي نزعة مقاومة التغيير، حتى لو كان التغيير يصب في مصلحة الجميع.
الرغبة في السلطة والسيطرة تمثل أيضًا دافعًا خفيًا. فالتغيير قد يعني إعادة توزيع المهام، أو دخول عناصر جديدة أكثر كفاءة، ما يُشعر البعض بأن نفوذهم وسلطتهم على المحك. لهذا، لا يكون الرفض دائمًا لأسباب موضوعية، بل لحسابات سلطوية ضيقة. من جانب آخر، يخشى بعض المقاومين للتغيير من انكشاف جوانب ضعفهم أو تقصيرهم. ففي بيئة جديدة تتطلب مهارات متقدمة أو أداءً مختلفًا، قد يبرز التفاوت بين القدرات، وتنكشف عيوب كانت مغطاة بستار النمطية. والأكثر تعقيدًا هو الخوف من بروز المتميزين. فالبعض يقاوم التغيير لأنه يدرك أن الكفاءات الجديدة ستخطف الأضواء، وربما تُصبح هي الواجهة المستقبلية، بينما يُدفع هو إلى الظل، أو حتى يُستغنى عنه تمامًا لعدم مجاراته التطور.
في المحصلة، مقاومة التغيير ليست سلوكًا عابرًا، بل تعبير عن مزيج من المخاوف والدوافع النفسية والمصالح الشخصية. ولكي يُكتب للتغيير النجاح، لا بد من إدارة هذه المقاومة بذكاء وفهم، مع احتواء المخاوف الحقيقية وتفكيك البواعث الخفية، وتحفيز الجميع على أن يكونوا جزءًا من المستقبل لا عائقًا أمامه.
gehan-alsh@hotmail.com
من أولى أسباب مقاومة التغيير ارتباطه بالشخصيات التقليدية التي تميل إلى الاستقرار وتخشى المجهول