يشكل التراث لدى مكتبة الملك عبدالعزيز العامة منظومة معرفية شاملة في سياق الفضاء الثقافي السعودي والعربي والإسلامي الذي يطل على العالم بميراث عريق على مختلف المستويات، من التنوع التاريخي والأدبي في الكتب النادرة والمخطوطات والصور والوثائق والمسكوكات والنوادر، الأمر الذي يجعلها واحدة من أهم المكتبات بالعالم التي تمتلك ذخيرة تراثية متنوعة.
لكن الاستراتيجية الثقافية للمكتبة لم تقتصر على الحفاظ على التراث العربي والإسلامي وأرشفته، واقتناء عناصره المتعددة، إذ أعادت إنتاجه وتنسيقه وعرض نماذجه الأدبية والفنية من خلال إقامة المعارض المتخصصة التي تصل التراث بالزوار والباحثين، وتكشف عن مكامنه التي تتسق وتحولات العصر فيما تعمل على تأكيد الهوية والثقافة السعودية، إذ تهدف إلى تعريف الأجيال بقيم الحضارة العربية والإسلامية، وربط الجيل القادم بهويته وتراثه الثقافي العريق.
معارض مختصة
وخلال 4 عقود منذ إنشاء مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، أقامت المكتبة عددًا كبيرًا من المعارض المختصة داخل المملكة وخارجها،، إذ أقامت معرضًا للمخطوطات ومعرضًا للمسكوكات والعملات النادرة ومعرضا للخط العربي، ومعرضًا للإبل ومعرضًا لنوادر الشعر العربي، ومعرضًا للمصاحف التاريخية والمذهبة، ومعرضًا للأميرة أليس ورحلتها التاريخية للجزيرة العربية، ومعرضًا للغة العربية، ومعرضًا للحج والحرمين ومعرضًا لأندر المخطوطات العربية والإسلامية، ومعرضًا لأوائل الدوريات العربية، ومعرضًا لمراحل في تاريخ العلم السعودي، ومعرضًا لملوك المملكة، ومعرضًا لطوابع المملكة.
يأتي ذلك من أجل تحريك التراث الوطني والعربي والإسلامي، ونقله من الأرشيف المحفوظ إلى فضاء المعرفة والثقافة العام، ودمج وعي الأجيال الجديدة بأبرز عناصر الموروث وثقافته.
جموعات نادرة من المصاحف
وتضمن معرض المصاحف الشريفة الذي أطلقته قبل عامين في شهر رمضان 1445 هـ مجموعات نادرة من المصاحف الشريفة المخطوطة التي نسخت خلال القرون الماضية.
وعرضت المكتبة مصاحف متنوعة الرسوم والخطوط والتذهيب والزخرفة فائقة الجمال، كُتبت في عصور تاريخية متعددة، وبعض المصاحف يضم زخارف تدل على الأجزاء والتذهيب والسجدات، وبعضها يضم تفسيرات بسيطة موجزة، أو يكتب في آخره دعاء ختم القرآن الكري، ومجموعة من المصاحف المتحفية تبلغ 20 مصحفًا.
وأقامت المكتبة معرض قلب الجزيرة العربية في فبراير 2025، وتضمن عرض مجموعة كبيرة من الصور النادرة التي التقطها الرحالة البريطاني الشهير جون “عبدالله” فيلبي خلال زيارته وفريقه البحثي للمملكة، بالإضافة إلى مجموعة من الوثائق والكتب التي توثق لرحلة فيلبي التاريخية.
الإبل والشعر والمسكوكات
كما أقامت المكتبة في ديسمبر 2024 معرض “الإبل جواهر حية في تراث وثقافة المملكة” بالتعاون مع جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، بهدف تعزيز الهوية الوطنية والتراث المتمثل في الإبل وقيمتها التراثية والتاريخية ومدى تأثر الشخصية السعودية بالإبل وتاريخها في أرض الجزيرة العربية.
كما هدف إلى تعزيز مكانة الإبل كرمز ثقافي أصيل في المملكة، وإبراز قيمة الإبل الاقتصادية، من خلال تقديم منتجات فنية تصلح للمجتمع والبيئة، والتعريف بالقيمة الحضارية للإبل عبر العصور، وإبراز الرؤية الفنية التشكيلية لاستخدام عنصر الإبل في الأعمال الفنية للتشكيليين السعوديين.
ألبوم زيارة الأميرة البريطانية
كما شاركت المكتبة في المعرض المصاحب لملتقى الدرعية الدولي 24 بعنوان “ذاكرة المطايا” الذي أقيم في ديسمبر 2024 بعرض مجموعة من الصور من ألبوم زيارة الأميرة البريطانية أليس كونتس إثلون حفيدة الملكة فيكتوريا للمملكة العربية السعودية عام 1938.
كما شاركت بعرض عدد من العملات العربية والإسلامية، منتقاة من مجموعات نادرة تبلغ 8100 قطعة نقدية من الذهب والفضة والمعادن الأخرى، تغطي جميع الفترات الإسلامية لتصل التغطية الزمنية إلى 14 قرنًا أو أكثر منذ عهود الإسلام المبكرة إلى الوقت الحاضر.
فضلًا على التغطية الجغرافية الكبيرة لتشمل: الهند، وأواسط آسيا شرقًا، إلى المغرب والأندلس غربًا، ومن بلاد القوقاز شمالًا إلى اليمن وعمان جنوبًا.
معرض لنوادر الشعر العربي
وبين عامي 2023-2024 م أقامت المكتبة معرضًا لنوادر الشعر العربي ضم مجموعة من أهم مقتنياتها من المخطوطات الشعرية والوثائق والكتب النادرة العربية والمترجمة، ومن أبرز ما جرى عرضه مجموعة منتقاة تغطي ما يزيد على 5 قرون كُتبت بين القرن 8 والقرن 13 الهجري، ومخطوطة نادرة للمعلقات السبع.
وأيضًا مخطوطة لشرح المعلقات السبع، وشرح معلقة الشاعر لبيد بن ربيعة، كذلك مخطوطة لديوان “سقط الزند مع الدرعيات” لأبي العلاء المعري، ومخطوطات ونوادر تعرض لأول مرة عن العروض الأندلسي ولسان الدين ابن الخطيب وابن الفارض والبوصيري، وشرح لقصيدة “بانت سعاد” التي ألقاها كعب بن زهير في حضرة الرسول الكريم ومخطوطة القصيدة الهمزية في المدائح النبوية وغيرها من المخطوطات والكتب النادرة.
المعرض العالمي للخط العربي
وفي إطار العناية بإبراز بعض جماليات اللغة العربية وأناقتها في الكتابة والخطوط، أقامت المكتبة “المعرض العالمي للخط العربي”، وعرض مكتبة تضم أكثر من 200 كتاب عن جماليات الخط العربي وفنونه، ولوحات متنوعة بأنواع الخط بواسطة أشهر وأميز الخطاطين.
ومعرض المسكوكات الإسلامية عبر العصور، ويتبين فيه طرق الكتابة على العملات بخطوط اللغة العربية.
وتشارك مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في مختلف المناسبات الثقافية والوطنية بعرض مجموعات نادرة من مقتنياتها من المخطوطات والصور والوثائق والمسكوكات العربية والإسلامية والكتب والمصاحف النادرة.
وكتب الرحالة الذين جابوا الجزيرة العربية في القرون الماضية، ممن ترجمت المكتبة أعمالهم، من أجل تعزيز البعد الثقافي لهذه المعارض والمناسبات، والتأكيد على قيم التواصل العلمي والبحثي مع المعنيين والدارسين والباحثين من زوار هذه المعارض.