في خطوة غير مسبوقة، برز علماء وباحثون سعوديون في مقدمة الجهود الدولية الرامية للتصدي لتدهور الأراضي وضمان الأمن الغذائي العالمي، من خلال قيادة دراسة علمية كبرى وضعت خارطة طريق واضحة للحكومات لوقف التدهور البيئي واستعادة النظم الطبيعية.
شارك في هذه المبادرة باحثون سعوديون بارزون، من بينهم سمو الأميرة مشاعل الشعلان وسمو الأميرة نورة بنت تركي آل سعود، إلى جانب نخبة من العلماء المقيمين في المملكة، حيث تعاونت جامعة كاوست في هذه الدراسة الدولية الجديدة مع علماء من خمس قارات، من بينهم أعضاء في “مجتمع أيون” وممثلون عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر.
التصدي لتدهور الأراضي
وحددت الدراسة – المنشورة في دورية نيتشر (Nature) – ثلاثة مسارات رئيسية يمكنها قلب المعادلة بحلول عام 2050:
1. زيادة إنتاج واستهلاك الغذاء من المصادر البحرية.
2. خفض هدر الغذاء بنسبة تصل إلى 75%.
3. استعادة نصف الأراضي المتدهورة عالميًا.
خفض هدر الغذاء
تشير البيانات إلى أن ثلث الغذاء المنتج عالميًا – بقيمة تتجاوز تريليون دولار سنويًا – يضيع دون استخدام، في وقت تستحوذ فيه الزراعة على 34% من الأراضي الخالية من الجليد. وإذا استمر هذا الاتجاه، قد تصل النسبة إلى 42% بحلول 2050.
ويقترح العلماء إجراءات مباشرة مثل تعديل الحوافز الاقتصادية، وتشجيع التبرع بالغذاء، والترويج لحصص وجبات أصغر في المطاعم، وهي خطوات كفيلة بتوفير نحو 13.4 مليون كيلومتر مربع من الأراضي.
الاستفادة من ثروات البحر
تؤكد الدراسة أن التوسع في الاستزراع المائي المستدام وتبني سياسات وتشريعات داعمة له يمكن أن يقلل الضغط على الأراضي الزراعية ويحد من إزالة الغابات.
هذه الخطوة وحدها قد تحفظ نحو 17.1 مليون كيلومتر مربع من الأراضي، وعند دمجها مع نتائج خفض الهدر الغذائي، يمكن توفير مساحة إجمالية تقارب مساحة قارة أفريقيا.
دعم المزارع الصغيرة
أكثر من 90% من المزارع حول العالم صغيرة أو عائلية، وكثير منها يطبق بالفعل ممارسات مستدامة. يدعو العلماء إلى تعزيز هذه الجهود عبر توفير التقنيات والسياسات التي تمكّن المزارعين من زيادة الإنتاج مع الحفاظ على البيئة.
ويؤكد الخبراء السعوديون أن هذه الحلول قابلة للتنفيذ إذا ما اقترنت بإرادة سياسية وتعاون دولي، مشددين على أن إعادة تشكيل النظم الغذائية، واستعادة الأراضي المتدهورة، وتوسيع إنتاج المأكولات البحرية المستدامة، خطوات أساسية لإعادة التوازن بين الإنسان والطبيعة.