arwaalmouzahem@gmail.com
تنامى التدوين الصوتي بالتوثيق لمختلف الاهتمامات في الآونة الأخيرة، فمنذ نشوء الإذاعات حول العالم عام 1920م تشهد الإذاعة حالة من التطور الدائم من ناحية البرامج المقدمة، والابتكارات الخلاّقة في تقديم المعلومة بشكل ممتع ومشوق، حتى ظهرت ثورة البودكاست في أوائل الألفية، وهو ما يعرف بالبث الصوتي والذي يعتبر اليوم نقلة نوعية في المجال الإذاعي تباعاً لشعبيته الكبيرة التي تصاعدت خلال بضع سنوات، وتطورت بشكل كبير لِتُبث من خلاله العديد من المواضيع الشيقة والرسائل الهادفة.
بات البودكاست اليوم كالصاحب الذي يشاركك معظم أوقاتك خلال اليوم، في طريقك للعمل، وخلال ممارستك للتمارين الرياضية، وربما أثناء تحضيرك أو تناولك لوجبةً ما، وذلك كُله عائد لسهولة الوصول إليه في أي وقت وأي مكان، ولكن ماذا عن مواضيع البودكاست المطروحة؟ هل هي فعلاً ناجحة ومؤثرة؟ هل تبدو هذهِ المواضيع مُلهمة حقاً أم أنها تبدو مُغلفة بتشويه المعرفة والإحباط؟
إن التدوينات الصوتية والبصرية الناجحة هي التي تجذب المستمع إليها بسبب تألق المتحدث بمواضيعه التي تلامس حياة المستمع العلمية والمهنية والاجتماعية، إضافةً إلى لباقة الطرح التي تعكس احترام المتحدث للمستمع، واختياره للمحاور العميقة في الموضوع المطروح، هذهِ العوامل هي ما تُمكننا من القول عنها بأنها بودكاست ناجحة، إذ أن البودكاست يفتح المجال أمام الجميع من أفراد وجماعات لإيصال أصواتهم دون قيود زمنية أو تحريرية صارمة، لذا كان لا بد من التركيز على انتقاء المحتوى الهادف، وانتقاء المتحدث الناجح كي لا تنعكس رسالة البودكاست الإيجابية سلباً على المستمع، وتتحول كل تلكَ الرسائل الأخلاقية الهادفة إلى رسائل مضللة تُثير الفتنة والاختلافات بين أفراد المجتمع، فالبودكاست وسيلة تأثيرية وليسَ وسيلة ترفيهية فحسب.
يُعتبر البودكاست في عصرنا الحالي من أهم الأدوات الإعلامية التي شهدت تطورًا سريعاً وملحوظًا، ويبدو أن تأثيره الثقافي سيزداد أكثر في المستقبل، وسيسهم في توفير مساحات عميقة للنقاش والتعليم، فهو بات يشكل قوة ثقافية جديدة تتمتع بمرونة الطرح، ولكنهُ في نفس الوقت يتطلب التوازن بين الابتكار التجاري والمحتوى القيم الذي يعزز التفاعل المجتمعي من أجلِ الحفاظ على استدامته.
ومضة:
من آداب الحوار: فكر كثيراً، واستنتج طويلاً، وتحدث قليلاً، ولا تهمل كل ما تسمعه فمن المؤكد أنّك ستحتاجه في المستقبل.