أرى أن الكلمة قادرة على أن تكون ميلادًا أو موتًا، كم إنسان مات من كلمة، وكأنها رصاصة خرجت من حدتها! وكم إنسان وُلد لحياة جديدة بسبب سماعه لكلمة صادقة، مشجعة، جاءت في وقتها، فالكلمات ليست مجرد حروف تُقال، بل بإمكانها أن تبرئ الجروح أو تفتحها، وبها تُبنى القلوب أو تُهدم.
الكثير من الناس ينسون المواقف، لكنهم لا ينسون الكلمات، خاصة تلك التي قيلت في لحظات ضعف أو ألم، كلمة قاسية في وقت انكسار قد تبقى تتردد في الذاكرة طويلاً، وكلمة حنونة في وقت ضيق تبقى محفورة في القلب طوال العمر، ليست كل الهدايا تُشترى بالمال، فهناك هدية لا تُكلّف شيئًا: كلمة صادقة.
قد تكون أبسط مما تتخيل، لكنها قد تغيّر حياة إنسان، أحيانًا، لا نتذكر تفاصيل الموقف، لكن نتذكر الجملة التي قيلت لنا، قد ننسى اليوم والتاريخ، لكن الكلمة تبقى محفورة كأنها قيلت بالأمس.
وأرى أيضًا أن الكلمة تغيّر المصير، هناك أشخاص غيّروا طريقهم في الحياة فقط لأن أحدًا آمن بهم، كطالب قرر ترك الدراسة، ولمجرد سماعه: «أنا فخور بك»، واصل، وآخر سمع: «أنت عبء على كل شيء»، فاختار الانسحاب من كل شيء.
تذكر أن كل كلمة تخرج من فمك أمانة، فهي إما أن تُسعد أو تجرح، من الحكمة أن نفكر قبل أن نتكلم، حتى لا نترك جرحًا لا يلتئم، وبعض الكلمات ضررها أكبر من نفعها، ليس من الضروري أن نعلّق على كل تصرف، أو نرد على كل خطأ، هناك فرق كبير بين «الصراحة» و»الوقاحة»، وبين «النقد البنّاء” و»التحطيم المتعمد».
وأرى أن ليست الكلمات مع الآخرين هي التي تستحق الانتقاء فقط، بل أيضًا الكلمات الموجهة للذات، نحن أول من يسمع كلماتنا، وأول من يتأثر بها، إذا اعتدت أن توبخ نفسك على كل خطأ، ستعيش شعورًا بالذنب، وإذا اعتدت أن تشجع نفسك حتى في أصعب الظروف، ستجد أنك تصنع من الفشل بداية جديدة.
الكلمة التي توجهها لذاتك إما أن تكون جسرًا تعبر به نحو أهدافك، أو جدارًا يحجبك عنها، لذلك، تحدّث مع نفسك كما تتمنى أن يتحدث معك شخص يحبك بصدق.
ختامًا، الكلمة تعبّر عن أخلاقك، والكلمة الطيبة والمجاملة الحسنة لا تكلّف شيئًا، طالما أنك تعيش على وجه هذه الأرض، فبإمكانك أن تزرع في قلب غيرك وردًا وبساتين، والسبب ببساطة: «كلمة»، فلا تبخل بها، ودع من حولك يعيش، فربما تكون كلمتك هي النور في عتمة أحدهم.