قال: ما أطرف شيء سمعته أو قرأته في الماضي، وما زال حاضرا في ذاكرتك.
قلت: بفضل الله أذكر الكثير، ولكن ما زالت في ذاكرتي أن أمرأة عجوز كانت تعاني من أزمة في تنفسها وكانت تأخذ بخاخ من أجل أن يساعدها علي التنفس، ومرة سمعت أن «أم فلان»، تعاني من مرض حاد. فقامت من جلستها في رواق بيتها وهي تسحب نفسها بخطى ثقيلة، وخلال سيرها شعرت بضيق في تنفسها وكان وقت صلاة الظهر وإذا بها تجلس على رصيف المسجد تخرج بخاخ التنفس من جيب «دراعتها»، ومن تحت «الملفع» تناولت علبة البخاخ وراحت تستنشق بخاره وخلال ذلك شاهدها أكثر من رجل من أبناء الحي ولم يترد أحدهم عن أن يضع أمامها ماتيسر لديه من المال، المرأة تلك اللحظة ما زالت تعاني من ضيق نفسها وتشير بيدها، أنا لست بحاجة للمال أنا في خير. لكن كانت كلماتها صامتة ولا يسمع لها أحد الذين منحها بعض المال وبعد دقائق عاد ومعه زجاجة ما. فتطلعت إليه من خلف حجابها الذي بللته الدموع والعرق يتصبب منها وقامت بعدما جمعت مجموعة من الأوراق النقدية ولفتها في طرف «ملفعها».
وقامت وهي تسير بخطى ثقيلة متجهة نحو بيت صاحبتها وشعرت بأن ريقها بات جافاً.. وحمدت ربها اخيراً أنها وصلت.. ثم قصت لصاحبتها عن ما حصل لها وأنهم حين رأوها تصوروا أنها متسولة، وقالت: يافشلاه. يا خزياه.. فضحكت أم فلان وراحت تحاول أن تهون عليها، ونصحت بأن ما تصدقوا به.. راح أوصي ابني بتعبئة براد الماء في المسجد منه.. وشكراً على زيارتك، والحمد لله على كل الأقدار.. وبهذا انتهت هذه القصة التي كلما تذكرتها ابتسمت من بساطة أحداثها وجمال معانيها.
almaglouth@yahoo.com