ظاهرتان شائعتان نمارسهما يوميا، قد أصبحتا جليا من سمات شخصياتنا؛ أقصد هنا العجلة والتسرّع، الذين يأتيان في مجمل مفاصل الحياة، فنحن نسوق سيارتنا بسرعة، نمشي بسرعة، نأكل ونمضغ ونشرب بسرعة، وكذلك نتصرف ونقرر بسرعة، وكأن لسان الحال يقول، علينا أن نتحرك في الاتجاهات كلهن بعجلة من أمرنا قبل فوات الأوان.
إيقاع الحياة اليومية فرض علينا ذلك، حيث نسعى جاهدين لإنجاز أكبر قدر ممكن من المهام في أقل وقت. لكن هل يمكن وصف هذه الظاهرة بأنها استجابة لضغوط الحياة المتزايدة؟ إذا ما هو تأثير اتخاذ القرارات السريعة غير المدروسة على حياتنا؟ هل كل ذلك يؤثر سلبًا على جودة الاستمتاع بالحياة وتحقيق النتائج الإيجابية المرجوة منها؟
أسباب هذه الظاهرتين جلية وواضحة، فقد نشرت العديد من الأدبيات لتؤكد أن متطلبات الحياة والعمل اليومية ومدى طبيعة التعامل معها، تلك تجعل الوقت يبدو وكأنه محدود، مما يدفع الأفراد للتسرّع. كذلك وجد أن الاعتماد المتزايد على التقنيه والرقمنة جعلنا نتوقع نتائج ماراثونية في كل شيء، مما عزّز العجلة في القرارات والتصرفات. إضافة إلى ذلك، وعلى الصعيد الاجتماعي والعلاقة بين الأفراد، وجد أن احتدام المنافسة والرغبة في مواكبة الآخرين أو التفوق عليهم تدفع الشخص راغبا في الإسراع في إنجاز أموره، ذلك خشية وخوف من وقوعه في الفشل، أو فقدانه الفرص؛ مما يدفعه للتصرف باندفاع دون تفكير كافٍ. ذلك بما يصحبه من ضغط، وقلق، وتوتر، في ممارسة أدائه اليومي، مسببا عدم التوازن والاضطراب النفسي له، مما يدعه يتصرف بشكل متهور وغير مدروس.
هناك سبل للتعامل معها، بما فيها من وضع خطط مسبقة يومية كانت أو أسبوعية؛ مما يساعد على تجنب الإحساس بالضغط وضيق الوقت. كذلك وجد بأن كلما ما امتلكت أدوات في استخدام تقنيات إدارة الوقت مثل تحديد الأولويات، والالتزام بجدول زمني، ذلك يسهم كثيرا لتهدئة العجلة. وإذا ما ستدرك أيضا التدرب على الصبر، والتعلّم علّى كيفية التمهّل في اتخاذ القرارات من خلال الوعي والإدراك والتحليل اللازم للخيارات المتاحة وبشكل أعمق. وأهمها باعتقادي هو الإيمان بأهمية جودة الحياة، والإقدام علّى ممارسة أفعال تقدم كأولويات، كتخصيص وقت للراحة والاستجمام؛ بغرض تقليل التوتر الذي ينتاب الفرد.
خلاصة القول: العجلة والتسرّع قد تبدوان وسيلة لتحقيق الإنجاز السريع، ولكن واقعاً، هو التمهّل والتروي الذين يؤديان إلى نتائج أفضل وأكثر استدامة وتوازناً في الحياة.
akuwaiti@iau.edu.sa