حتى لا تتأخر بعض الجامعات عن تحقيق الرؤية

خلال الرحلة التعليمية لجيلنا في المرحلة الجامعية، كان لبعض أساتذتنا من دول أجنبية وعربية شقيقة، دور في تغذية معرفتنا وتشكيل الهوية الدراسية لمرحلة هي الأهم لبناء شخصية ستخوض غمار رحلة عاتية في بيئات عمل تحفل بمختلف التحديات، ومع تحديات تلك المرحلة، كانت الجامعات الوطنية العريقة هي الملاذ الآمن والموثوق لتوفير أجيال تلبي الاحتياج التنموي في مختلف مناطق السعودية.
وفي الوقت الذي نرى فيه اليوم الجهود المهولة لحكومتنا سعيًا لتأهيل رأس مالها البشري من خلال ابتعاث أبنائها إلى أبرز الجامعات العالمية، وتزويدهم بالمعرفة والمهارات اللازمة للإسهام في تحقيق مستهدفات رؤية 2030، ومن خلال برامج وطنية نوعية لتأهيل الخريجين داخليًا، وردم الفجوة بين مخرجات التعليم الجامعي واحتياجات سوق العمل المتجددة، تمارس بعض الجامعات الوطنية سياسات توظيف لا تنسجم مع هذه الرؤية الطموحة، ولا تُجسد روح المرحلة.
وجاء زمن الابتعاث السخي قبل سنوات، واستمر حتى اليوم، ليتحوّل الابتعاث في سياقه الوطني من مجرد تجربة تعليمية فردية إلى مسار استراتيجي، يُمثل استثمارًا مباشرًا في الإنسان السعودي بهدف تمكينه علميًا ومهنيًا ليعود ويسهم في تطوير مؤسسات وطنه؛ ومن المنصف أن يجد المبتعث مكانًا مستحقًا في المؤسسات الأكاديمية، تقديرًا للمعرفة واستثمارًا لما اكتسبه من الجامعات العالمية، وتماشيا مع ما توليه القيادة من اهتمام بتوطين الوظائف التعليمية والأكاديمية.
نلاحظ اليوم واقعاً يعكس صورة مغايرة في بعض الجامعات، وخصوصا الحديث منها؛ إذ يواجه كثير من المبتعثين المؤهلين واقع محدودية الفرص، في الوقت الذي تُمنح فيه فرص وظائف أكاديمية مستقرة لغير السعوديين ممن لم يعرف عنهم حصولهم على مؤهلات بتخصصات علمية متميزة، ولا تخرج في مؤسسة تعليمية معروفة بثقلها الأكاديمي؛ وتستمر عقود بعضهم لسنوات طويلة، رغم أن الأنظمة الوطنية تقول أن التعاقد مع الأكاديمي غير السعودي لا يتجاوز عشر سنوات إلا في حالات استثنائية ومقننة، ويتعمق الإشكال دون ظهور سعي جاد لتطوير المستقطبين بدورات متخصصة، أو حثهم للحصول على شهادات احترافية تُعزز من الجدارة الأكاديمية لتكون النتيجة جمود لا ينسجم مع طبيعة التحول الذي تشهده المملكة،أومتطلبات التعليم الجامعي المعاصر.
العجيب أن تتحول بعض الجامعات من منصات استقطاب وتمكين للعقول الوطنية إلى بيئات تفرّط في المؤهل، الأمر الذي لا يتماشى مع مستهدفات الرؤية، سيّما وأن السباق الزمني قد بدأ فعليا في طرق الأبواب إيذانا ببدء مراجعة ما تحقق من مستهدفات تعليمية للمؤسسات الأكاديمية، خصوصا الحديث منها.
abdullahsayel@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *