الوعي الذي نريد في عصر الذكاء الاصطناعي

مع التقدم الهائل في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وسيطرة وسائل التواصل الإجتماعي على حياة الإنسان بشكل يصعب فيه فك الارتباط بين الإنسان والتقنية، يبرز مجدداً مفهوم الوعي، وأهميته في فهم مايحدث حولنا من مواكبة للمتغيرات والتجديدات التقنية والمعرفية وانعكاساتها على سلوك الإنسان ونمط حياته، فالواقع الافتراضي الذي بدأ يُشكل تحدياً حقيقياً في حياتنا اليومية، حيث تلعب التقنية وتطبيقاتها دوراً أساسياً في ممارسات المجتمع المختلفة بما فيها الأدوار الخفية لهذه التطبيقات التي تتطلب مواجهة ومستوى كاف من الوعي المجتمعي، وطريقة التعامل مع هذه التقنيات، وأن التقنية لها وجه مختلف يتمثل في بعض المغالطات الأخلاقية والاجتماعية وتزييف للمعلومات والمعطيات المتعلقة بالأحداث وصولاً إلى بعض المخاطر التي يبني الإنسان عليها بعض القناعات والأفكار وربما اتخاذ القرارات.
يبرز الوعي المعرفي كأهم الأدوات لمواجهة الثورة التقنية المضادة وانعكاساتها السلبية في فهم كيف يعمل الذكاء الاصطناعي لخدمة البشرية، وهو الأمر الذي يحد من السطحية والادعاءات السلبية في مايقدمه بعض مستخدمي هذه التقنيات، والذي يتمثل في المحتوى الضار والمزيف، والذي يُقدَم للمتلقي باعتباره مادة مفيدة، ولأسباب مختلفة ومجهولة؛ فالحاجة لتحقيق التوازن والفهم الصحيح عند تلقي المعلومات والمحتويات، والحضور الجيد للوعي قبل نشرها ومشاركاتها الآخرين، وكذلك التصدي للمحتوى الرقمي الذي يعمل على تزييف الحقائق أصبحت ضرورة مجتمعية ملحة، مما يقلل من استغلال المنصات الرقمية التي يستخدمها البعض لأغراض غير أخلاقية ولا قانونية مما يشكل خطراً أخلاقياً وأمنياً واجتماعياً.
بات رفع مستوى الوعي المجتمعي والإنساني في التعامل مع التحديات التقنية وتطبيقاتها امراً ضرورياً من خلال تكثيف الرسائل التوعية الذي ينبغي أن تقدمها الجهات الرسمية المعنية، وكذلك المختصين والمهتمين من خلال تثقيف كافة شرائح المجتمع بمخاطر تطبيقات الذكاء الاصطناعي التي تهدف احياناً إلى خلق نوع من الفوضى وزعزعة الأمن الاجتماعي، وكذلك عدم إغفال دور المؤسسات الاكاديمية والجامعات في تقديم البرامج التعليمية والتدريبية مثل أساسيات الذكاء الاصطناعي، والذكاء الاصطناعي كمساعد للذكاء البشري، وكيف يمكن توظيف الجانب المعرفي في مواجهة التحديات التقنية وحماية الأفراد والمجتمع من المخاطر المحتملة من خلال تطوير القدرات البشرية في مجال تقنيات الذكاء الاصطناعي، وهذا يعمل على تحول المجتمع إلى مجتمع معرفي قادر على مواكبة التطورات التقنية وتحدياتها الحالية والمستقبلية.
الوعي الذي نريده في عصر يشهد تطوراً مذهلاً في التجديدات التقنية والمعرفية ينبغي ان يشمل عدة مجالات منها الوعي المعرفي، والوعي الاخلاقي، والوعي الرقمي، والوعي المجتمعي، وكلها أدوات ضرورية في عصر المعلومات والانفجار المعرفي المتسارع، فالوعي الذي نحتاجه لايكفي بمعرفة التقنية وحدها، لابد من فهم كيف يمكن توظيفها بشكل اخلاقي وانساني حتى نضمن حماية المجتمع وأجياله من المخاطر المحتملة، والوصول إلى مجتمع معرفي متقدم يمارس كافة أشكال الوعي في التعامل مع التقنية الرقمية واستخداماتها، واعتباره نموذجاً يحتذى به في مجال الوعي المعرفي والاجتماعي والإنساني.
khaledaldandani@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *