كبرنا.. حتى عرفنا أن ضحكة الأم كانت تخفي وجعا، وأن صمت الأب كان مملوءا بالكلمات التي لم تُقال.
كبرنا حتى عرفنا أن لا بسمة تضاهي ضحكات الأم.
كبرنا حتى فهمنا أن الأشياء ليست كما تبدو، وأن الطيبين لا يُخلَّدون، وأن الحياة لا تمضي دائمًا كما نشتهي.
كبرنا حين صار من كان يُمسك بيدنا يعجز عن الوقوف وحده.
كبرنا عندما اكتشفنا أن اللعب ليس هدفا، وأن السعادة لا تُشترى، وأن الأمان لا يُصنع من جدران، بل من قلوب.
عرفنا بعد أن كبرنا أن الاعتذار لا يُنقص من هيبتنا، وأن الخلاف لا يعني الكره، وأن الرحيل لا ينتظر دائما الوداع.
كبرنا حتى عرفنا أن بعض العلاقات كانت مؤقتة، رغم وعدها بالبقاء، وأن بعض الأحلام لم تُخلق لتتحقق، بل لتعلمنا كيف نحلم.
كبرنا حين مررنا على الأماكن التي كانت تُبكينا، فابتسمنا.. لا لأن الألم انتهى، بل لأننا تعافينا.
كبرنا حتى عرفنا أن من يحبك، لا يُؤذيك، وأن من يرحل دون سبب، لا يستحق العودة.
عرفنا أن القوة لا تعني أن نبقى صامدين دائما، بل أن نعترف بضعفنا حين نحتاج، ونطلب العون من الله، ثم من الناس.
كبرنا حين صار الحنين عبئا، والذكريات وطنا لا يسكنه أحد.
كبرنا حتى عرفنا أن أجمل الأيام ربما مضت، لكن القادم أجمل لمن يحسن الظن بالله.
كبرنا حتى أدركنا أن النضج لا يُقاس بالعمر، بل بتجارب كسرتنا وأعادت تشكيلنا من جديد.
كبرنا حين صرنا نُخفي دموعنا بابتسامة، ونُخفي خوفنا بصمت، ونمضي وكأن شيئا لم يكن.
كبرنا عندما فهمنا أن السلام الداخلي أغلى من أي انتصار، وأن خسارة بعض الأشخاص كانت رحمة لا نعلمها.
كبرنا.. ولا زلنا نتعلم أن الحياة تمضي، وأن الله لا يُخيب من ظنّ به خيرا.
نهاية:
كبرنا.. وما زلنا نتعلّم.
alfaleh222@yahoo.com