في زوايا هذا الزمن المزدحم بالخلافات والنزاعات تكثر القصص التي تقصم ظهر الود وتقتل الأخوة فتتبدل المودات إلى جفاء والرحم إلى خصام والرفقة إلى عداوة لكن أكثر ما يدمي القلب حين يُباع الأخ لا بدراهم معدودة بل بزلات معدودة.
سمعت يوما مثلا شعبيا على لسان رجل مسن قال بحسرةسأل أحدهم صاحبه بكم بعت أخاك؟
فقال بعته بتسعين زلةفرد عليه الآخر.. أرخصته!
عبارة موجعة لكنها تختصر مشهدا يتكرر كل يوم.
الزلات لا تقتل الأخوة بل الذي يقتلها هو عدم الصبر وسرعة الحكم وقساوة القلب.
أغلب الزلات التي تُشعل نار القطيعة في هذا الزمن تافهة في أصلها لكنها سيئة في نتائجها.
ترى أخوين تقاطعا بسبب خلاف على ورث أو أختا تُهمل علاقتها بأخيها بسبب سوء تفاهم حول توزيع مال أو عقار أو زوجه تُثير الفتن بين زوجها وأهله أو شجار بين الأطفال يتحول إلى خصام بين العائلات. بل أن البعض يقطع رحمه فقط لأنه صدّق نماماً أو أطاع مغرضا أو أساء الظن بمن أحبه.
البعض باعوا إخوانهم وإقاربهم وأصدقاءهم بل آباءهم وأمهاتهم لا بتسعين زلة، بل بزلة واحدة أو حتى بلا زلة فقط لأنهم لم يتحملوا فقط لأن الكبر أو الغضب أو الظن السيئ كان أسرع من صوت الحكمة!!
والأدهى من ذلك أن البيع كان مجانياً لم يكن هناك مقابل سوى راحه وهمية وكبرياء زائف. هل فكرت يوما أن الذي بعته سيفتقد حين يغيب، حين يرحل بلا وداع، حين يطرق باب الموت وتبكي عليه باكيا الندم.
ما فائدة قبلة على جبين أخيك بعد أن يسكن القبر، ما فائدة الدموع حين تُسكب على من كان ينتظر منك فقط كلمه عذر، أن الغائب لا ينتظر اعتذاراً، المغفرة يجب أن تُمنح في الحياه قبل أن تكتبها شهادة الوفاة.
رساله لكل قلب قاس: سامح فالعمر أقصر من أن نضيّعه في حساب الأخطاء وامنح من حولك سقفاً عالياً من الغفران كما تحب أن يُغفر لك.
ختاما:
كم زلة تساوي أخاً؟
وكم خطأ يساوي أماً أو أباً أو زوجة أو أختاً أو قريب أو رفيق عمر؟
قبل أن تبيع أحدهم تذكر قيمته وهو حي، ولا تنتظر أن يرحل لتبكي على حافة قبره.
moad_aziz@hotmail.com