لا تُكثر الجلوس مع من هم دونك

dakman2019@gmail.com
يظنُّ بعض الناس أن الابتعاد عن مجالسة من هم دونك في الفكر أو المكانة العلمية أو الاجتماعية هو نوع من التكبُّر أو الغرور، والحقيقة غير ذلك تمامًا؛ فإنَّ مجالسة محدودي الفكر والطموح قد تؤدي إلى تأثُّرك بهم، وقد تبطئ مسيرتك في ركب التقدم، وذلك بسبب الفراغ الذي يعيشونه، فالعقول إذا لم تنشغل بالنافع انشغلت بما لا يفيد.
لا مانع من الجلوس مع هؤلاء بين حين وآخر من باب التواصل الاجتماعي وتبادل الود، بل واجبًا دينيًا واجتماعيًا، لكن المقصود هنا هو البقاء معهم في دائرتهم بشكل يومي ومستمر، فهذا هو الخطر الحقيقي الذي قد يعصف بك مع مرور الزمن دون أن تشعر.
تلك مجالسٌ لا تُثري عقلك ولا تُنيره بشيء سوى القيل والقال والهمز واللمز، وهذا للأسف هو واقع كثير من المجالس والاجتماعات اليوم. فماذا ترجُو من مجالسة نافخ الكير سوى أن يصيبك الأذى؟
وليس شرطًا أن تكون هذه المجالسة وجهًا لوجه كما يحدث في المجالس الخاصة أو الاستراحات، بل يدخل في ذلك أيضًا الانضمام إلى كثير من مجموعات تطبيق “واتساب”، خاصةً تلك “العامة” التي يجتمع بها الصالح والطالح، والصغير والكبير، فتجد فيها العديد من الرسائل التي تحمل في طياتها بذور الكراهية والتفرقة بين أفراد المجتمع.

وقد تجد أحدهم يرسل رسالة لا يُدرك مضمونها جيدًا، فتُفسَّر بشكل مخالف لما كان يقصده، فيحتدم النقاش وتكبر المشكلة، وتتسع الفجوة بين الأطراف. فما الذي يُجبر هؤلاء على الدخول في مثل هذه المجموعات التي لا فائدة منها سوى إضاعة الوقت وملء الفراغ الذي يعيشه الكثيرون؟

وفي المقابل، لا يمكن إغفال أهمية التعارف والتواصل بين أفراد المجتمع من خلال هذه المجموعات الواتسابية، فقد أحسنت كثير من العائلات والمجتمعات توظيفها بشكل لائق ومثمر، وأسهمت في نشر الوعي والاحترام المتبادل بين أعضائها، حيث يُدرك كل فرد دوره، ويحرص على نشر ما يعود بالنفع على الجميع. وقد استخدمها بعضهم في بناء علاقات أخوية بين الأفراد، من خلال حثهم على المساهمة في تيسير أمور المحتاجين، ومساعدة المتزوجين في إقامة حفلات زواجهم، وغيرها من الإيجابيات التي ينشدها كل شخص عاقل يهمه تعزيز قيم التسامح والتعاون الإنساني بين أفراد المجتمع. وهذا هو الاستخدام الأمثل والمرجو لمثل هذه المجموعات.
ختامًا

احرص على انتقاء مجالسك كما تنتقي أثمن الأشياء، وتخيّر من يُضيف إلى فكرك ويُعينك على الارتقاء بنفسك، فإنك مرآة من تصاحب.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *