قبل الذهاب إلى المدرسة، تفحص عمر حقيبة الطعام الخاصة به، وقال :أبي، لماذا تضع لي أمي نفس الوجبة في حقيبتي كل يوم؟ ! ألا يمكنها أن تغيّر ذلك؟ لقد مللت!
رفع الأبُّ عينيه عن جهازه المحمول، وتأمل وجه ابنه عمر الذي بدا غاضبًا وهو يفتح حقيبته بتذمر. ابتسم الأبُّ ثم قال بهدوء:
يا بُني، هل يمكنك مساعدتي في أمر بسيط؟
أجاب عمر: بكل تأكيد، وما ذاك؟
قال الأب : أحتاج إلى بعض الإحصائيات لكتابة تقرير عن أوضاع بني البشر حول العالم، خاصة فيما يتعلق بالحاجات الأساسية كالماء، والطعام، والسكن، والرعاية الصحية. هل تستطيع أن تساعدني؟
تردد عمر قليلاً ثم قال:ربما، ولكن ماذا تقصد ؟ قال الأبُّ وهو يضع جهازه جانبًا: لنبدأ بالماء، هل تعلم يابني، كم عدد البشر الذين يحصلون على ماء نظيف بسهولة، كما تفعل أنت حين تفتح صنبور المطبخ؟
فكّر عمر، ثم قال:أظن أن معظم الناس يستطيعون ذلك، أليس كذلك؟ ابتسم الأبُّ وقال: في الواقع، وفقًا لمنظمة الصحة العالمية، هناك أكثر من 700 مليون شخص حول العالم لا يملكون إمكانية الوصول إلى مياه شرب آمنة في منازلهم، ويضطر بعضهم إلى السير أكثر من ستة كيلومترات يوميًا لجلب الماء. معظمهم يعيشون في دول جنوب الصحراء الإفريقية وأجزاء من آسيا.
اتسعت عينا عمر بدهشة. قال الأبُّ مستطردًا: وماذا عن الطعام؟ نحن نحظى بوجبات منتظمة وثلاجة مليئة، لكن هل هذا حال الجميع؟
هز عمر رأسه قائلاً: بالطبع لا، هناك من يجوعون…اليس هذا صحيحاً. قال الاب: يا بني هناك أكثر من 735 مليون إنسان يعانون الجوع المزمن حول العالم، وفقًا لتقارير الأمم المتحدة. والمفاجأة أن هذا لا يقتصر على الدول النامية، بل يحدث ذلك في دول متقدمة، ففي الولايات المتحدة وحدها، يعيش أكثر من 12 مليون أمريكي في حالة انعدام للأمن الغذائي، أي أنهم لا يدرون هل سيتمكنون من الحصول على وجبتهم القادمة أم لا.
تنهد عمر، ثم قال في صوت خافت:
لم أكن أعلم أن العالم بهذا الشكل.
ابتسم الأبُّ، واقترب منه وقال:
يا بني، ما نحياه به من نعم ،من ماء، وطعام، وسكن، وصحة، ليس أمرًا عاديًا كما نظن، بل هو فضل عظيم من الله تعالى يستحق الشكر، لا التذمر. ألم تقرأ قول الله عز وجل:
“وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إن عذابي لشديد” [إبراهيم: 7]؟