الأنسنة .. تجعل الإنسان أولًا

ayoo-oosh1@hotmail.com
الأنسنة ليست مجرد مصطلح تجميلي ورفاهية بل توجه فكري وثقافي يعيد الإنسان إلى مركز الاهتمام في السياسات والتخطيط والتطوير .

ببساطة الأنسنة تعني جعل كل ما يُبنى أو يُخطط له مُتمحورًا حول الإنسان : احتياجاته، قيمه، كرامته، وجوده، وتفاعله مع محيطه.

وهذا المفهوم يشمل الجوانب العمرانية والاجتماعية والاقتصادية والتعليمية.
من أهدافها تحسين جودة الحياة لأن الإنسان لا يعيش في مباني فحسب بل يتفاعل مع بيئته لذا فإن الأنسنة تسعى لجعل هذه البيئة صالحة ومريحة وآمنة له نفسيًا وجسديًا ، أيضًا تسعى الأنسنة لتعزيز الانتماء لأنه عندما يُصمم المكان أو تُبنى السياسات بروح إنسانية يشعر الفرد بأنه جزء منه مما يعزز العلاقة بين الإنسان والمكان حيث تضع الإنسان في قلب القرارات بحيث لا ينفصل عن الزمان والمكان .
وتستخدم الأنسنة في عدة مجالات ومنها التخطيط العمراني : حيث يتم تحويل المدن من كتل إسمنتية إلى بيئات نابضة بالحياة وشوارع مريحة للمشاة ومساحات عامة حيوية وخدمات متمركزة حول الفرد .

أيضًا تستخدم في التعليم : بحيث تجعل الطالب محور العملية التعليمية لا مجرد متلقي للمعلومة وتركز على جعل بيئة التعلم بيئة إنسانية تهتم بفضول المتعلم وتنوعه.

بجانب إستخدامها في مجال الصحة : حيث تهتم بالتجربة الإنسانية داخل المستشفى لا فقط العلاج مثلًا كيف يُعامل المريض؟ وكيف يُحترم وقته ومشاعره؟

وتستخدم في الثقافة والفنون : حيث يتم تسليط الضوء على القيم الإنسانية ،على القصص، على التجارب، بدلًا من التركيز على الاستهلاك السريع أو الترف السطحي.
أخيرًا رؤية السعودية 2030 وضعت الإنسان في صلب التحول الوطني حقًا هذا ليس مجرد شعار بل توجه عملي ظهر في أكثر من مبادرة ومشروع : مثل برنامج جودة الحياة الذي يهدف إلى جعل المدن السعودية أكثر إنسانية، أكثر قابلية للعيش، وتحسن المشهد الحضاري العام ومثل مشاريع تطوير الدرعية والعلا، ليس فقط حفظًا للمكان بل إحياءً للذاكرة والهوية الإنسانية بجانب مبادارات تمكين المرأة ودعم الشباب وتوسيع خيارات الترفيه كل هذه خطوات أنسنة واقعية تمكّن الإنسان ليعيش حياة متكاملة داخل وطنه بجانب الحرص على تحويل التعليم من حشو للمناهج إلى بناء الشخصية ومواكبة سوق العمل الحديث بطريقة إنسانية تشجع الإبداع والتميز.
الأنسنة ليست رفاهية فكرية بل ضرورة حضارية ، في عالم يتسابق نحو الذكاء الاصطناعي والتقنيات المتقدمة يبقى الإنسان هو المحور ورؤية المملكة 2030 حرصت على ذلك فوضعت الإنسان أولًا ليس بالشعارات فقط بل بالأفعال ! كل مدينة تُطوّر، كل مبادرة تُطلق، كل سياسة تُرسم، تهتم بكيف سيشعر الإنسان؟ كيف سيعيش؟ ومتى سيزدهر؟ هذا هو جوهر الأنسنة الحقيقي .

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *