رسالة إلى خريج

في ظل التحولات المتسارعة في سوق العمل السعودي وتعددية متطلباته مما يشير إلى توجه استراتيجي نحو الابتكار والتكنولوجيا في سوق العمل. ولذا، يواجه الخريجون الجدد عدد من التحديات الناشئة عن سيطرة بعض المفاهيم الخاطئة عليهم والمتمثلة في عدم امتلاكهم للخبرة الوظيفية والممارسات المهنية الميدانية، ولكن في المقابل يجب على الخريج الجديد أن يتذكر بأنه لا ينافس أثناء الرحلة في البحث عن العمل أصحاب الخبرات الطويلة، وذلك لتوافر كثير من الوظائف المخصصة للخريجين الجدد بعدد من الجهات بحيث ينافس زملائه من الخريجين الجدد وليس أصحاب الخبرات الطويلة. وحتى يميز الخريج الجديد نفسه عن منافسيه يتوجب عليه الالتحاق ببرامج التدريب الصيفي والتعاوني، والالتحاق كذلك بالبرامج والمنظمات غير الربحية والهيئات التي تساعدهم على اكتساب المهارات اللازمة لسوق العمل، والتي من أبرزها أكاديمية مسك للمهارات وغيرها.
ومن التحديات كذلك عدم الاستعداد لسوق العمل حيث يواجه عدد من الخريجين والخريجات تحدّي كبير في الاستعداد لسوق العمل بما يشمل التمكن من تطوير سيرة ذاتية مناسبة واحترافية قائمة على الكلمات المفتاحية النوعية، والمرتكزة على المهارات والخبرات التدريبية والشهادات النوعية، وعدم القدرة على اجتياز مقابلة العمل لعدم التحضير الكافي لها نفسياً وذهنياً ومهارياً واجتماعياً، والتهيب من خوض تجارب الحياة العملية والإبداع بها، وقد يرجع ذلك للخريج نفسه أو إخفاق الجامعة في إعداده مهارياً لسوق العمل، وضعف الاعتناء والاهتمام بالمواءمة مع متطلبات سوق العمل سيما في ارتكازه على مفهوم القطاع الواسع المشتمل على القطاعات الرئيسية المتمثلة في قطاع الإنسان والحياة، وقطاع الثقافة والفنون، وقطاع السياحة والبيئة، وقطاع الهندسة والتقنية، وقطاع المال والأعمال لا مفهوم التخصص الضيق المرتكزة على المعرفة المجردة المنفصلة على سوق العمل ومتطلباته.
ومن التحديات البارزة لدى العاطلين عدم القدرة على الوصول للوظائف، حيث يواجه الكثير من الخريجين والخريجات تحدّي غياب المعرفة بآليات الوصول للوظائف المناسبة والملائمة لتخصصاتهم مما يدفعهم إلى وظائف أخرى لا تلائم تخصصاتهم الدراسية، وللتغلب عليه يجدر بهم بناء شبكة العلاقات المهنية المناسبة لهم عبر الالتحاق بالأندية والأنشطة الطلابية وتفعيل حساباتهم على منصات التوظيف والاستقطاب كمنصة لينكدإن ومواقع التوظيف الأساسية كبيت كوم وغيرها.
ومن التحديات كذلك غياب التوجيه والارشاد المهني، والانتقال من مرحلة الدراسة الجامعية إلى سوق العمل والذي يُعد من أهم التحديات التي يواجهها الخريجون الجدد، حيث يجدون أنفسهم في هذه المرحلة الانتقالية دون الحصول على الجرعات الكافية من برامج الإرشاد والتوجيه المهني؛ مما يجعلهم يعانون أثناء رحلة البحث عن الوظيفة المناسبة، وللتغلب على ذلك ضرورة الاستفادة من برامج التوجيه المهني التي يقيمها صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف» لفهم ديناميكيات سوق العمل وتحديد الفرص المتاحة التي تتناسب مع مهاراتهم وتخصصاتهم، وتحديد الأهداف المهنية ، ومن ثم تطوير المهارات العملية بناء على ذلك. ومن التحديات كذلك عدم الواقعية في توقعات الخريجين الجدد والذي يمثل عقبة كبيرة تحول دون تحقيقهم لأهدافهم المهنية في الوقت المناسب، حيث يبدأون بتوقعات خيالية، وبطموح عالي في الحصول على وظائف بمرتبات ضخمة، ومكانة مرموقة، ومسؤوليات كبيرة، دون أخذ الوقت الكافي لتطوير مهاراتهم وخبراتهم العملية. ولا شك أن هذا النوع من التوقعات يمكن أن يؤدي إلى الإحباط وخيبة الأمل في حين أنهم بحاجة للصبر، والإصرار، والاستعداد لبدء العمل من المراكز الأساسية والتدرج تدريجيًا نحو الأعلى لبناء الخبرة والمهارة وفهم سوق العمل بصورة أفضل.
وأخيراً فتحقيق التوازن بين التوقعات والواقع يعد عنصرًا حاسمًا في رحلة البحث عن الوظيفة، ويتطلب من الخريجين الجدد أن يكونوا واقعيين، مرنين، ومستعدين لبذل الجهد والوقت اللازمين لتحقيق أهدافهم المهنية، وهم بحاجة للدعم والإرشاد للتغلب على تلك التحديّات وتحقيق النجاحات تلو النجاحات في عالم مليء بالتفاؤل والانجاز.
malwadai@kku.edu.sa
يواجه الكثير من الخريجين والخريجات تحدّي غياب المعرفة بآليات الوصول للوظائف المناسبة والملائمة لتخصصاتهم

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *