لا أحد يعرف على وجه الدقة من أوحى إلى وسائل الإعلام وخاصة قنوات الأخبار الفضائية بأن تعطي لقب « زعيم» لمن هب ودب، حتى وصل الأمر إلى أن كل خارج ومنشق ومختطف للسلطة هنا، أو هناك يحصل على لقب زعيم وشكل يكاد يكون مجاني تماماً.
في ظني وكمراقب ومتابع أن الشرارة الأولى لانطلاق زعماء الشر بدأت عندما تصدت قناة أخبارية شهيرة بتسمية الوجوه التي انشقت على بلدانها ومجتمعاتها وحشدت الشباب للقتال في أفغانستان في مطلع ثمانينيات القرن الماضي لدرجة أن أصبح هناك تنافس بين القنوات الإخبارية الإقليمية والدولية على اللقاء بتلك الزعامات الشريرة .
الأمر لم يقتصر على من ذكرنا ولكن تعداه اموضوع إلى الجماعات الأفغانية نفسها التي أصبحت تدار بما يسمون بزعماء وأصبح اللقاء بهم والتصوير معهم هدف لكبار الصحفيين الاستقصائيين الذين كثروا في تلك المرحلة . أولئك الزعماء والذين هم في الواقع قادة فصائل وميليشيات أو حتى عصابات القائد الأفغاني من أصول طاجيكية أحمد شاه مسعود الذي دبر له خصوم في وزنه صحفيين من جنسية عربية شمال أفريقية تنكرا في زي صحافيين فرنسيين وسمح لهم بلقاء الرجل وأثناء اللقاء تفجرت الكميرات ومعدات التصوير في الضيف وخسر حياته.
في الاونة الأخيرة ومنذ أحداث السابع من أكتوبر ٢٠٢٣م عادت النغمة لتسمي رجال يصفهم البعض بالمقاومين ويصفهم البعض الآخر بالإرهابيين، لكن لا أحد يصر على تسميتهم بالزعماء إلا وسائل الإعلام وخاصة الفضائيات الإخبارية ذات التأثير القوي في المشاهدين وذات القدرة على تمرير مثل هذه المصطلحات دون وعي من المشاهدين، الغريب أنه خلا العامين الماضيين تم اغتيال أكثر من شخص سبق وأن أطلق عليه لقب زعيم إما زعيم حزب أو جماعة، أو تنظيم ولم يحصل شيئ في الدنيا يعني سارت الحياة بدون زعماء صنعتهم نشرات الأخبار.
وبعد الأحداث الأخيرة في جنوب سوريا وتحديداً في السويداء بدأ الحديث عن شخصيات لم يك أحد يعرفها وبدأ البعض يصفهم بالزعماء و في الواقع كانت البدايات التي يذكرون فيها برتبهم الدينية الخاصة مثل مشيخة العقل بالنسبة للدروز ولكن مع تطور الأوضاع ومع وصول الأمور إلى أن يلتقي أحد كبار القادة الدينيين الدروز للقاء وزير إسرائيلي ويكشف الإعلام عن ذلك فنجد غير منصة إعلامية وقعت في المحظور وبدأت تمنح الرجل لقب زعيم الطائفة.
هذه نافذة صغيرة على الزعماء الذين تصنعهم الأخبار ولنا عودة للموضوع لاحقاً بأمر الله.
salem.asker@gmail.com