التوطين ثروة.. وشبابنا أثبتوا جدارتهم

أعلنت وزارة الموارد البشرية في الأسبوع الماضي عن بدء تطبيق قرار رفع نسب التوطين لمهن الصيدلة وطب الأسنان بالشراكة مع وزارة الصحة، ويأتي ذلك تعزيزاً لمشاركة الكوادر الوطنية في سوق العمل من خلال توفيرِ مزيدٍ من فرص العمل النوعية للمواطنين والمواطنات في مختلف مناطق المملكة، وما تم الاعلان عنه لا يعتبر حدث مفاجئ في سوق العمل، وهو امتداد لخارطة طريق تم الاعلان عنها مسبقاً.
في البداية من المهم توضيح كيف يتم اختيار المهن او الأنشطة في قرارات التوطين، بالإضافة للركائز التي تعتمد عليها وزارة الموارد البشرية في استراتيجية التوطين، والإجابة على هذا التساؤل نجدها في مؤشر الانكشاف المهني والتي تعمل الوزارة على مراقبته وتحديثه بشكل مستمر، وهو أحد أهم المؤشرات التي تساهم في تعزيز الاستثمار في رأس المال البشري بناءً على احتياجات سوق العمل، ويُعد أداة حيوية لتحسين كفاءة سوق العمل وتقليل معدلات البطالة، ومن خلاله يتم قياس مستوى الاعتماد «كمياً وَ نوعياً» على العمالة الوافدة وقياس مواءمة مخرجات التعليم مع احتياج سوق العمل السعودي بهدف تحقيق الأمان المهني، فكلما زادت الشفافية أصبحت القرارات المتعلقة بالتوطين والاستثمار في رأس المال البشري أكثر دقة وفعالية.
وفقاً للدليل الإجرائي فيما يخص مهن الصيدلة؛ تم تحديد نسبة توطين 35% في أنشطة الصيدليات المجتمعية والمجمعات الطبية، ونسبة توطين 65% في أنشطة المستشفيات بالإضافة لنسبة توطين 55% لأنشطة الصيدلة الأخرى، ويطبق هذا القرار على المنشآت التي يعمل بها 5 عاملين فأكثر في مهن الصيدلة، مع تحديد الحد الأدنى للأجور للاحتساب في نسب التوطين بـ 7,000ريال. أما فيما يخص مهن طب الأسنان؛ فتم تحديد نسبة توطين 45% في مرحلته الأولى، ويطبق هذا القرار على المنشآت التي يعمل بها 3 عاملين فأكثر في مهن طب الأسنان، مع تحديد الحد الأدنى للأجور للاحتساب في نسب التوطين بـ 9,000 ريال، وستتولى وزارة الصحة متابعة هذه القرارات بما يتناسب مع احتياجات سوق العمل، كما ستستفيد منشآت القطاع الخاص من برامج الدعم والمحفزات التي تقدمها منظومة الموارد البشرية.
في قرارات التوطين التي يتم الإعلان عنها نجد أن التوجه لتحديد الحد الأدنى للأجور للاحتساب في نسب التوطين له عدة إيجابيات في سوق العمل، حيث يهدف ذلك إلى تحسين استقرار العاملين السعوديين من خلال ضمان جودة الوظائف بدلاً من الاعتماد على تحقيق النسب الشكلية، وسيكون له دور كبير في رفع التنافسية بين المنشآت لتحسين بيئة العمل الداخلية لجذب الكفاءات السعودية، فالمنشآت التي توفر بيئات عمل مميزة وأجوراً عادلة ستحصل على أفضل الكفاءات مما يعزز من أدائها وربحيتها.
من خلال متابعة مؤشرات سوق العمل الرئيسية وقرارات التوطين التي تم تطبيقها خلال الخمس سنوات السابقة، نجد أن هناك ارتفاع تدريجي مميز في أعداد المشتغلين السعوديين في القطاع الخاص، ودخول واضح وناجح لمشتغلين سعوديين في العديد من المهن المستهدفة في قرارات التوطين، وكوجهة نظر شخصية أرى أن تركيز الوزارة على قرارات «التوطين النوعية» ساهم بشكل كبير في تحسين العديد من مؤشرات سوق العمل.
ختاماً؛ في كل قرارات التوطين التي تم تطبيقها في سوق العمل، شبابنا وشاباتنا أثبتوا أنهم قادرون على تحمل المسؤولية ورعاية وطنهم بكل كفاءة واقتدار، وبرهنوا على جدارتهم في جميع الوظائف التي تم توطينها، ولا ننسى أيضاً دور القطاع الخاص كشريك أساسي في هذا النجاح، حيث ساهم بفاعلية في دعم سياسات التوطين، وقدم فرصًا حقيقية لتوظيف الكفاءات الوطنية في بيئات عمل مشجعة.
مستشار موارد بشرية
khaled@econsult.com.sa

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *