أنثى تتجمل بالحريق!!

أبكي، وأبكي، وأبكي..
والعصافير تغني.
العصافير تموت.
العصافير تغادر.
وأنا أقمع فمِّي!!
للصمت هيئة جسدٍ خائف، أو روح امرأة تخشى أن يُسمّى حنينها خيانة.
إذا نطق الفم عن غزة، أُدِين بجريمة النطق!!
وإذا سكت أدين بجناية الصمت!!
وإذا قتلوه أدانوه بتهمة الإرهاب!!
كأن البكاء آخر أشكال المقاومة التي لم تُدرجها الأمم المتحدة في بياناتها.
هذه المدينة التي لا تقع على الخارطة، بل في قلوبنا.
التي لا تدرَّس في كتب الجغرافيا، بل تُختبر في دروس الكرامة.
هذه الأنثى التي تتجمّل بالحريق، وتغسل وجعها بدماء أطفالها، ووجهها بغبار الغارات والتوسلات ثم تُجبر نفسها على النهوض، لأن العالم يحب المرأة التي تبتسم برغم الكسر.
أبكي، وأنتِ – يا غزة – تُعانقين موتكِ بشيء من الكبرياء.
يبكيني أن العالم يراكِ صغيرة، بينما أنتِ كل يوم تكبرين. تتعملقين، وتلدين وطنا جديدا من رحم الدمار.
يبكيني أن الحرب تُعيد ترتيب أسماء الشهداء، بينما أطفالكِ يعيدون ترتيب خريطة المعنى.
حين تُقصفين، تُقصف فينا القدرة على الصمت.
حين يُهدم بيت، تُهدم فينا أوهام السلام.
وحين يرتفع شهيد، ترتفع فينا حرارة الخجل، لأننا لا نزال نعدّ الشهداء أرقاما ونمرّ على صورهم كما تمرّ أصابعنا الباردة على الشاشات.
كيف لكِ أن تكوني بهذا الجمال، برغم أن الموت يسكنكِ؟
كيف تُزهرين تحت الرماد، وتُربّين الأطفال على الحلم والخبز والبرتقال، وأنتِ تعلمين أن السماء لا تمطر إلا نيرانًا؟
تحيلين النيران إلى ورود معلقة على جدار بيت بلا ملامح.
يسكت الصراخ لكنه لن يصمت عندما تنتفض الفراشات والعصافير في وجه المحتل.
أي سرّ تملكين؟
وأي ربّ كريم خصّكِ بذاك الصبر الممتدّ من الغياب إلى الغياب، ومن العذاب إلى العذاب؟.
نهاية:
موتُُ وراء موتِِ ثم موت، والغزاة لازالوا يقصفون. يغنون ثم.. يموتون.
alfaleh222@yahoo.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *