الأماكن الأثرية.. المردود الاقتصادي

تحدثت في المقال السابق يوم الأربعاء بتاريخ 23 يوليو عن الأماكن الاثرية والتنمية الاقتصادية في دارين، ووعدت بمقال آخر عن الأماكن الأثرية والتنمية الاقتصادية في تاروت التي تتميز بمعالم أثرية قديمة مثل قلعة تاروت الأثرية التي تم بناءها على تل تاروت في موقع أثري يعود تاريخه إلى نحو 4300 – 5000قبل الميلاد.
تفاوتت المعلومات حول من بنى قلعة تاروت التاريخية الأثرية، فالمعلومات تشير إلى أن السكان المحليين بنوا القلعة لحمايتهم من الغزوات الأجنبية مثل غزو البرتغاليين الذين غزوا البحرين التي أسس سكانها قلعة عراد التاريخية لحمايتهم من الغزو الأجنبي ومنه البرتغالي. ويرى بعض الباحثين أن البرتغاليين هم الذين بنوا القلعة خلال تواجدهم بالخليج «من 1515 إلى 1559م»، وذلك لتعزيز سيطرتهم على المضائق المائية وحماية مصالحهم من التهديدات العثمانية وغيرها من المنافسين.
هناك ارتباط بين البحرين والقطيف، فالملاحظ الشبه بين قلعة تاروت وقلعة عراد في البحرين التي بناها السكان للحماية من البرتغاليين، ما يؤكد أن سكان تاروت هم من بنى قلعة تاروت للحماية من البرتغاليين، حيث استفادوا من تجربة البحرينيين.
قامت الدولة السعودية الأولى بإعادة ترميم جزء بسيط من القلعة بين الفترة 1744 – 1818م واستخدمتها لأغراض دفاعية من الغزاة. تشير المصادر التاريخية إلى أنه في عام 1792م تم إستخدام القلعة كحصن دفاعي لحماية سواحل القطيف وجزيرة دارين وتاروت خاصة من البرتغاليين والقبائل البحرية فيما بينها للسيطرة على جزيرة دارين وتاروت وقلعتها. تم تعزيز بعض أجزاء القلعة الدفاعية والاعتقاد أن الدولة السعودية الأولى أجرت بعض الترميم المحلي لتقوية الأسوار واستخدامها كنقطة مراقبة.. وفي عهد الدولة السعودية الحديث «الدولة السعودية الثالثة» القلعة تحت إعادة التأهيل من قبل الجهات المعنية المختصة.
تعد قلعة تاروت الأثرية وما وجد فيها من معالم أثرية قديمة، تراث ثري يجذب المهتمين بتاريخ الحضارات من خلال الأواني والأدوات والتماثيل، ناهيك عن جذب السياح من المنطقة والسعودية وخارجها.
حضارات مثل دلمون والسومرية وباربار جديرة بالاهتمام والمعرفة. لقد تم اكتُشاف تحف أثرية في الموقع، منها تمثال من الحجر الجيري على النمط السومري الأثري، وأوانٍ من حضارات_الهند والسند ودلمون وباربار، وبعضها يُعرض في المتحف الوطني في الرياض ومتحف الدمام الإقليمي. يوجد في وسط القلعة بئر ماء تاريخية جافة تعرف بعين العودة، وسبب الجفاف الإهمال واستخراج البترول من الأماكن المجاورة.
يحقق تأهيل قلعة تاروت والمعالم الأثرية الأخرى في محافظة القطيف مردودًا اقتصاديًا ملموسًا إذا تم بشكل مدروس ضمن خطة تنمية ثقافية وسياحية واقتصادية متكاملة.
المردود الاقتصادي المباشر من خلال السياحة الثقافية والتراثية التي تجذب السياح المحليين والدوليين المهتمين بالتاريخ والتراث والحضارات البائدة. ستزيد حجوزات الفنادق والشقق المفروشة، المطاعم، النقل، والأسواق المحيطة، وسيرتفع متوسط الإنفاق اليومي للسائح الثقافي أعلى من السائح الترفيهي، وسيخلق هذا الحراك الاقتصادي فرص عمل للمواطنين المحليين جراء تزايد عدد السياح من داخل المنطقة وخارجها. وبالطبع يوفر الإرشاد السياحي وظائف مباشرة، كما ستوفر محلات بيع الهدايا الأثرية وظائف غير مباشرة. والمتوقع أن ينشط السوق العقاري في جزيرة دارين وتاروت وما جاورها قريباً من المواقع الاثرية.
أشدد على أهمية التسويق المكثف لهذه المواقع الأثرية في المملكة وخارجها، وتسيير الرحلات، وتنظيم المهرجانات التراثية وكذلك رحلات تعريفية مدرسية من المدن المجاورة للتعريف بالأماكن الأثرية في جزيرة دارين وتاروت.
alyaum2018@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *