الناس جميعها تبحث عن لحظة الوصول لمواطن السعادة أياً كان الدربُ إليها، وأياً كانَ ثمن هذهِ اللحظة، لحظة النعيم بالراحة الحقيقية ونيل الهناء والسرور الذيّن لو تبصّر الناس بما يعودُ عليهم بكُل هذهِ الإيجابية والسعادة لأدركوا بأنها لا تتحقق الا بالسلام الذاتي، فهو حالة مُستمرة من السعادة وليسَ مجرد لحظة.
في حالة السلام الذاتي تُصبح روح الإنسان خفيفة ونقيّة، بمعنى أن تبدو تصرفاته أكثر طمأنينة وهدوء، فهو ليسَ في حالة من السعادة المطلقة، ولكنهُ في حالة من الرضا بكُل ما يمتلكهُ في مرحلتهِ الحالية.
هو في حالة من الامتنان لُكل المواقف الجيدة والسيئة التي أعادت تشكيل خارطة طريقه من جديد، هو في حالة من التركيز باللحظة الراهنة التي يعيشها بكُل حواسه وبكُل مشاعره الصادقة، هو في حالة من التوازن بينَ السعي المتواصل وبين القبول والتسليم، فمرحلة السلام الذاتي هي من أجمل مراحل السعادة الحقيقية التي تمر على المرء لأن منبعها الروح والذات وليسَ لأي سبب خارجي يدٌ فيها، فالسلام الذاتي هو معرفة المرء لذاته معرفة تُغنيه عن معرفة العالم الخارجي له، وتمدُّه بالقوة الكافية لمواجهة كُل الضغوطات ولصعوبات التي من الممكن أن تواجهه، فالحياة مليئة بالتحديات التي لا يُمكن للمرء التنبؤ بها أو إدراكها، منها ما تعُيقه عن الاستمرار في الوصول نحو هدفه، ومنها ما تفقده راحته الذهنية، ولكنها كأي شيء آخر في الحياة يُمكن الوصول معه إلى هُدنة من الاطمئنان والسكينة حين يتصالح مع ذاته ويؤمن بها.
ختاماً طالما أننا نحيا ونتنفس في هذهِ الحياة سنبقى معرضين للسعادة والحزن والأوقات المريحة والمزعجة، وهذهِ حقيقة ينبغي أن ندركها ونتقبلها. لذا، ينبغي على المرء أن يفطن بقوةِ السلام الذاتي الذي ما هو إلا رحلة قائمة على الذات الراضية، والوعي بوفرةِ الخيارات الجميلة في حياتنا، فهو لا يُمكن أن يكونَ محطة وصول، بل هو رحلة مليئة بالرضا والتسليم.
arwaalmouzahem@gmail.com