al.shehri.k@hotmail.com
اتفهم الشخصية الناتجة من حالة الانتزاع الذي يمر به الشخص في لحظة التغيير، أو بمعنى أخر في لحظة الإعداد للمرحلة القادمة من مسيرته، وهي اللحظة المفصلية لماهيته الجديدة، واللحظة التي يشعر بها بأن جلده قد ضاق عليه، وأنه لابد أن يختار بين التقدم، الرجوع، أو البقاء في مكانه جلّاداً.
الصرخة الصامتة في صوتها، والعالية في تأثيرها، والتي تكتم الأنفاس، وتشد الملامح، لتبرز عروق الجبين؛ هي أشد من ذلك الصوت الحاد والمرتفع، الذي يهز الأرض ومحيطها، معلناً عن تغيير جلده! وتغيير من حوله! أحيانا، لا تحتاج إلى دقة الملاحظة لتعرف بأن هذا الإنسان سينضج، ولكنك لا تعرف، هل نضجه سيكون بالطريقة السهلة أم الصعبة؛ والذي لا بد أن تعيه تماماً، هو ضرورة أن تعطيه مساحته ليستوعب جديده.
ولكن! هل يحق لهذه الشخصية المرحلية، مالا يحق لغيرها! هل تستطيع أن تسمح لها بالكذب مثلاً! أم أن في قانونك، لا مكان للقبول والتزام الصمت! بل للوضوح والنقاش!
هل الوضوح تلميح، أم تصريح! لماذا يعتقد البعض أن الوضوح يعني الوقاحة! وعند البعض الوضوح هو أن يقول المرء: أنا واضح! هل كل وضوح فعلاً واضح؟ أو واضح بس من ورا التريلات!
ليس كل وضوح يُقال، بل يُمارَس؛ فهناك فئة من الناس صريحة لدرجة قلِّة الاحترام، وهناك من يُلمّح وكأنه يقدم لك الهدية مغلفة بلغم! وهناك من يفتخر بأنه واضح، وهو لم ينطق من الأساس! بل يمشي بلافته كُتِب عليها “أنا واضح واللي ما يفهمني مشكلته”؛ طيب! إذا كان وضوحك مؤلم، لماذا يفور دمك عندما نرتّب المسافة بيننا وبينك؟
ليس كل ما وضح “بان”، وليس كل من “بان” كان واضح؛ احياناً يكون الشخص فعلاً في طور التغيير، لكن يحاول يخفي ارتباكه وراء أسلوبه الهجومي، أو صمته الطويل، أو حتى تلميحاته المؤذية!
الوضوح الذي يبعث على الطمأنينة، هو ذاك الذي يجمع بين الصدق واللطف؛ لأن البعض يلبس ثوب الوضوح بينما في الحقيقة هو يحتمي به! يحتمي من الاعتذار، التوضيح، المسؤولية، ومن مواجهة الحقيقة؛ والمضحك هو اعتباره “شفافية”
كن واضحاً ولا تعلِّق ورا التريلات!