success.1997@hotmail.com
كيف نتصالح مع أنفسنا في زحمة الحياة؟
وسط صراعاتها الصغيرة والكبيرة قد ننسى أنفسنا فنركض خلف الأحلام و نطارد المثالية، ونجلد ذواتنا كلما أخطأنا أو قصّرنا، كأننا لا نسمح لأنفسنا أن نكون بشرًا.
ولكن، هل فكّرنا يومًا في أن نمنح أنفسنا السلام؟ أن نمدّ يد المصالحة لأنفسنا المرهقة، التي فعلت ما استطاعت، وما زالت تحاول؟
التصالح مع النفس ليس ضعفًا ولا تهاونًا، بل هو أسمى أنواع القوة.
أن تنظر إلى نفسك في المرآة دون أن تحاكمها، أن تتذكّر أخطاءك دون أن تكرهها، أن تعترف أنك تعبت، وتحتاج إلى لحظة دفء، وربما حضن – ولو كان من داخلك.
نتصالح مع أنفسنا حين نتوقّف عن لومها على كل ما فات حين ندرك أن القرارات التي اتّخذناها سابقًا لم تكن غبية، بل كانت ممكنة في وقتها.
لم نكن نعرف ما نعرفه الآن، ولم نكن نملك ما نملكه من نضج اليوم.
فلماذا نحاسب “نحنُ الأمس” بمنظار “نحنُ اليوم”؟
نتصالح مع أنفسنا حين نقبل الحزن، بدلًا من أن نخجل منه حين نمنح مشاعرنا حقّها الكامل في أن تُعاش، لا أن تُكبت وتُخبّأ تحت ابتسامات زائفة حين نعلم أن الضعف لا ينقصنا شيئًا، بل يُظهر كم نحن بشر.
وحين نتحدث عن التصالح، فلا نعني فقط أن نغفر لأنفسنا أخطاءها، بل أن نحبّها رغمها، أن نراها بكل ما فيها من عيوب، ونتقبّلها، أن نعلم أن الكمال لا يسكن أحدًا، وأن الجمال الحقيقي في الصدق، في العفوية، في المحاولة، لا في الوصول الدائم.
في العمل، في العلاقات أو في طموحاتنا، نحتاج أن نكون لأنفسنا حضنًا، لا قاضيًا ، أن نربّت على أكتافنا بدلًا من أن نثقلها بجلد الذات، أن نهمس في داخلنا: “أحسنتِ… حتى لو لم تنجحي، لقد حاولتِ بصدق، وهذا يكفي.”
التصالح مع النفس رحلة، لا وجهة، نتعثر أحيانًا، نغضب من أنفسنا، نعود لنلومها ولكن في كل مرة نعود لنتذكّر أن داخلنا طفل صغير لا يريد سوى الحب والقبول ،فلمَ لا نمنحه ما يستحق؟
فلنحب أنفسنا كما هي، لا كما يجب أن تكون، واثقين مما نقدمه ونفعله لنا أولاً وتاليًا للآخرين.