يُقال أن الكلمات رسائل، وأن معاني الكلمات رسائل أيضاً، والذي يحدث بين إيران وإسرائيل في أعقاب الصراع الذي استمر لأثني عشر يوما بين الجانبين هو أن الخطاب السياسي والعسكري الإسرائيلي بدأ يركز على أمور جديدة منها ضرورة أن يكون هناك تحرك إسرائيلي لمجرد الشعور بـ «تهديد» من جانب إيران.
هذا المفهوم يحيلنا إلى طبيعة العقل العسكري والسياسي الإسرائيلي الذي يبالغ في نظرية الأمن، مما يفهم أن الموضوع في المستقبل لن يقتصر على مجرد ضربات على منشآت معينة، سواء كانت تلك المنشآت نووية، أو عسكرية على الإجمال، بل قد يتعدى كل ذلك لرسم خطط واستعدادات تزيل التهديدات المحتملة لمجرد التأكد من وجدوها، هذا الموضوع يدخل المنطقة من حالة تعرف لدى الاستراتيجيين بحالة الاضطراب الأمني والتي يتوقع فيها حدوث كل شيئ، وفي أي وقت.
التطور الذي تم رصده مؤخراً حول القناعات التي ربما أصبحت مسلمات لدي القيادتين الإسرائيلية والأمريكية هي الغاء فكرة «احتمال» أن تمتلك الجمهورية الإسلامية في إيران بشكل نظامها الحالي قدرات نووية وليس سلاح نووي، هذا الأمر يجعل الجانب الإيراني أمام حقيقة صعبة تتعلق بسقوط طموحاته والشعبية التي يعتمد عليها داخلياً وجزء منه بناء قدرات النظام النووية، وعلى مستوى الأذرع التي تغذيها إيران كما يعرف الجميع ستدخل في حالة ذبول ولعل التطورات والتنازلات التي يقدمها ما يسمى بحزب الله في لبنان لصالح الدولة، والمجتمع اللبناني أحد الشواهد علي ذلك، وفي المنظور التاريخي والاستراتيجي والاقتصادي إيران ستكون « الخاسر الأكبر» كما يقولون في الثقافة الغربية خلال الأربعة عقود الماضية.
في إسرائيل هناك فهم للكلمات ومضامينها ومعانيها عند السياسيين قد يختلف حول المفاهيم والدلالات عند العسكريين ولكن الجميع في إسرائيل متفقون على أن الطرف المقابل وهو في هذه الحالة الجانب الإيراني عدو ويشكل خطراً، مما يستوجب على الجميع الاستعداد لذلك الخطر المحتمل.
في الأسابيع الأخيرة تحدثت صحف إسرائيلية عن الدروس من الماضي وأكدت أن قوة إسرائيل التي عرفها الجميع لا يجب أن تسمح بتكرار السيناريوهات السابقة بمعنى أنه بمجرد توفر معلومات عن تهديد ما يجب المسارعة للقضاء عليه، ويدعم هذا التصور الأخبار التي أكدت أن الولايات المتحدة قد تزود الجيش الإسرائيلي بطائرات « بي تو» العملاقة القادرة على حمل قنابل قيل أن بعضها صمم بشكل خاص لتفتيت التحصينات الطبيعية الإيرانية.
salem.asker@gmail.com